وقد نشر البحث الذي يتضمن الباب الأول، وعنوانه «الجوانب الفكرية في مختلف النظم الاجتماعية» في مطبعة جامعة عين شمس بالقاهرة عام 1971م، ولم ينشر بعد ذلك. أما البحوث التي يتضمنها الباب الثاني فقد نشرتها مجلة «تراث الإنسانية» التي كانت من أهم المجلات الثقافية المصرية في الستينيات وأوائل السبعينيات، ثم أغلقت بقرار تعسفي. وفي هذا الباب بحث واحد لم ينشر في تلك المجلة، هو «شجرة الفلسفة عند ديكارت»، الذي أصدرته مجلة كلية الآداب بجامعة الكويت .
ويضم الباب الثالث بحثا واحدا هو «الجذور الفلسفية للبنائية» الذي نشر في العدد الأول من حوليات كلية الآداب بجامعة الكويت. وأخيرا تأتي بحوث الباب الرابع، الذي نشر أولها، وهو «العلم والحرية الشخصية» في مجلة عالم الفكر بالكويت، ونشر الثاني، وهو «الحقيقة الفنية»، في مجلة «الحكمة» التي تصدرها كلية الآداب بجامعة بنغازي. أما الثالث، وهو «الخلق الفني بين العلم والتجربة الشخصية»، فقد نشر في مجلة المعرفة السورية.
وفي اعتقادي أن جمع هذه الدراسات - التي لم تعد متاحة للقارئ العربي في مجلد واحد - سوف يلقي أضواء مفيدة على جوانب هامة في تاريخ الفكر ومشكلاته. هذا فضلا عن الأفق الواسع للموضوعات التي تضم الفلسفة المتخصصة كما تضم بحوثا في النظم الاجتماعية والعلم والقيم، ولا سيما القيم الفنية، وكل ما آمله هو أن يحفز هذا الكتاب أذهان القراء إلى مزيد من الاطلاع والتفكير في الموضوعات الخصبة التي يعالجها.
فؤاد زكريا
الباب الأول
الجوانب الفكرية في مختلف النظم الاجتماعية
مقدمة
إلى أي حد تؤثر النظم الاقتصادية المختلفة في تكوين عقلية الإنسان؟ وما نوع التفكير السائد الذي يتولد عن كل نظام من هذه النظم؟ وما طبيعة الإطار الفكري والثقافي الأكثر ملاءمة لنظام الرق وللنظام الإقطاعي والرأسمالي والاشتراكي؟
هذه هي الأسئلة التي سنحاول الإجابة عنها في هذا الفصل؛ على أن طرح هذه الأسئلة يثير - منذ البداية - مشكلات معقدة، ويقتضي منا أن نتنبه إلى مجموعة من الحقائق التي ربما غابت عنا لو بدأنا في خوض الموضوع مباشرة، ولو لم نقم بتحليل للمشكلات الرئيسية الكامنة من وراء هذا الموضوع: (1)
أولى هذه المشكلات هي أن القول بوجود تفكير سائد يتلاءم مع كل نظام من النظم الاقتصادية، ربما فهم على أنه يعني صبغ التفكير في كل مرحلة من مراحل التطور الاقتصادي بصبغة نمطية موحدة؛ أي إنه يعني أن المفكرين، في العصر الإقطاعي مثلا، يتميزون بسمات عقلية واحدة يمكن الاهتداء إليها عند كل منهم على حدة.
Page inconnue