وأمهاتي وأهل بيتي، وليس كذلك، إنما عِرْض الرجل نفسه، ومن شتم عِرْضَ رجل فإنما ذكره في نفسه بالسوء، ومنه قول النبي ﷺ في أهل الجنة: " لا يَبُولونَ ولا يَتَغَوَّطونَ، إنما هو عَرَق يخرج من أعراضهم مثل المِسْكِ " يريد يجري من أبدانهم، ومنه قول أبي الدرداء " أقْرِض من عِرضك ليوم فقرك " يريد مَن شتمك فلا تشتمه، ومن ذكرك بسوء فلا تذكره، ودَعْ ذلك عليه قَرْضًا لك ليوم القصاص والجزاء، ولم يرد أقرض عرضك من أبيك وأمك وأسلافك؛ لأن شَتْمَ هؤلاء ليس إليه التحليلُ منه، وقال ابن عُيَيْنة: لو أن رجلًا أصاب من عرض رجل شيئًا ثمَّ تَوَرَّع فجاء إلى ورثته أو إلى جميع أهل الأرض فأحَلّوه ما كان في حلٍّ، ولو أصاب من ماله شيئًا ثم دفعه إلى ورثته لكنا نرى ذلك كفاره له، فعِرْضُ الرجل أشد من ماله، قال حسان بن ثابت الأنصاري:
هجوتَ محمَّدًا فأجبتُ عنهُ ... وعندَ الله في ذاكَ الجزاءُ
1 / 31