أمرهما بإطلاق الحمام وهدم الأقفاص، فاكتأب الغلامان، ودافعا عن قضيتهما أمام والدتهما، فأحالتهما إلى زوجها الذي أصر على موقفه، ورفض عبد الرحمن وأحمد تنفيذ ذلك الأمر بأيديهما، وذات يوم عندما كان الغلامان ذاهبين إلى المدرسة، قال محمود إنه سيقوم بذلك أثناء غيابهما.
وعندما عاد الغلامان في عصر ذلك اليوم هرعا إلى السطح مباشرة ليريا ما فعل، فوجدا الطيور في أماكنها والأقفاص لم يمسسها سوء. أدهشهما ذلك، فهبطا مسرعين واتجها إلى المطبخ حيث وجدا أمهما منفرجة الأسارير، واتضح أن محمودا اتجه إلى السطح، فأوت الطيور إليه مرحبة ووقفت على كتفيه وذراعيه، وسحره ما حدث إلى الحد الذي منعه من طردها، وهكذا سمح للطيور بالبقاء.
وتوفي محمود بعد بضع سنوات، كان السبب مرض القلب، ولكن جبلة كانت تقول إنه الكرب والأسى العميق؛ لم يستطع الوالد قط أن يقهر حزنه على ابنه الذهبي، فخر الأسرة وسوريا جمعاء، محمد.
وافترض زيتون أن ناصرا سيقيم في المنزل الآخر، وإذا أراد الحضور إلى هنا استطاع ذلك، فإن تود لديه زورق، وهكذا استقر زيتون في الخيمة ونام وحده.
الإثنين 5 من سبتمبر
استيقظ زيتون مبكرا في الصباح، فصلى الصبح، وانطلق يجدف في قاربه حتى عبر الشارع لإطعام الكلاب. كان قد حصل على بعض طعام الكلاب من تود .
قال للكلبين: «نفد اللحم يا أصدقاء. لم تعد عندي لحوم!»
ولم يبد أنهما اكترثا، فالتهما ما قدمه لهما، وكان يبدو أنهما الآن بخير ولم يعودا يكابدان الصدمة التي اعترتهما منذ بضعة أيام.
وقال: «رأيتما؟ آتيكما كل يوم. آتي دائما.»
ثم هبط من السطح وانطلق بالقارب.
صفحه نامشخص