وقد كان أبو القاسم بن سيمجور انتقل إلى جرجان بعد انقراض فخر الدولة على طاعة ولده مجد الدولة، فضوى إليه من شذ عنه من عسكر أخيه وموالي أبيه، واتصل به طوائف من أبطال الأكراد والعرب، فاشتدت بهم مناكبه، واحتدت أنيابه ومخالبه، وكانت الحسيكة «5» التي ينطوي عليها فائق لبكتوزون ترصده بالحبائل، وترميه بأغوال الغوائل، فأرسل إلى أبي القاسم يحرشه عليه، ويغريه به ويعده ما يليه، من قيادة الجيوش متى أجلاه عن مكانه، وجلاه «6» في معرض العجز على سلطانه، حتى [85 أ] أجهضته عن جرجان تاركا العين «7» بالضمار ، وعارضا الملك «8» على خطر القمار، فكان مثله كما قال ابن هرمة «1»:
وإني وتركي ندى الأكرمين ... وقدحي بكفي زندا شحاحا
كتاركة بيضها بالعراء ... وملبسة بيض أخرى جناحا
ففصل عنها قاصدا قصد نيسابور، في جماهير أصحابه ممن ضرستهم وقائع الحروب، ونجذتهم «2» قوارع الخطوب، وكوتهم صروف الأيام بمياسمها، وداستهم أحداث الليالي بمناسمها «3». وأفرط «4» أبا علي بن أبي القاسم المعروف بالفقيه على مقدمته إلى إسفرايين وبها بعض قواد بكتوزون، فالتقيا هناك على حومة الحرب، وتساقيا كؤوس الطعن والضرب. وتداركت الأمداد على أبي علي، لقرب الخطى بينه وبين صاحبه فجفل عنه أصحاب بكتوزون منهزمين إلى نيسابور، وقد اقتسموا بين جرح وكسر، وقتل وأسر.
صفحه ۱۵۹