وقد كان قبل وفاته استجد عمارة الدار المعروفة بسهلاباذ، وأنفق عليها مالا عظيما، فلم يتمتع بسكناها حتى خذله الرجاء، وحق عليه القضاء، واعتافها ولده من بعده، فأهملوا أمرها حتى [77 أ] تداعت بالخراب. وسمعت بعض الأفاضل ينشد وقد اجتاز عليها بعده في مدة يسيرة:
عليك سلام الله من منزل قفر ... فقد هجت لي شوقا قديما وما تدري
عهدتك مذ شهر جديدا فلم أخل ... صروف النوى تبلي مغانيك في شهر
فلحا الله دنيانا من ضبة تأكل أولادها عقوقا، وجافية لا ترعى لأضيافها أذمة وحقوقا، وإلى الله المشتكى من صروف الزمان، وريب الحدثان.
ورثاه أبو الفتح البستي كاتبه بقوله:
قلت إذ مات ناصر الدين والدو ... لة حياه ربه بالكرامة
وتداعت جموعه بافتراق ... هكذا هكذا تقوم القيامة
وقوله أيضا:
توكل على الله في كل ما ... تحاوله واتخذه وكيلا
ولا يخدعنك شرب صفا ... فأنمى قليلا وأروى غليلا
فإن الزمان يذل العزيز ... ويجعل كل جليل ضئيلا
ألم تر ناصر دين الإله ... وكان المهيب العظيم الجليلا
أعد الفيول وقاد الخيول ... وصير كل عزيز ذليلا [77 ب]
وحف الملوك به خاضعين ... وزفوا إليه رعيلا رعيلا
فلما تمكن من أمره ... وصار له الشرق إلا قليلا
وأوهمه العز أن الزمان ... إذا رامه ارتد عنه كليلا
أتته المنية مغتاظة ... وسلت عليه حساما صقيلا
فلم يغن عنه حماة الرجال ... ولم يجد فيل عليه فتيلا
صفحه ۱۴۶