83

============================================================

وقد بلغنا أن رسول الله } قال : "من أسف على الدنيا فأتته، إقترب من النار مسيرة سنة"(1) .

وأنت تأسف على ما فاتك غير مكترث بقربك من عذاب الله تعالى .

نعم . ولعلك تخرج من دينك أحيانا لتوفير دنياك، وتفرح بإقبال الدنيا عليك، ويرتاح له قلبك سرورا، وقد بلغنا أن رسول الله قال : "من أحب الدنيا وسرته ذهب خوف الآخرة من قلبه "(2).

وبلغنا أن بعض أهل العلم قال : وإنك لمحاسب على ما فاتك من الدنيا، ومحاسب بفرحك بالدنيا إذا قدرت عليها من أحب الدنيا وسرته نزع خوف الآخرة من قلبه، وأنت تفرح بدنياك وقد سلبت الخوف من الله تعالى .

نعم. وعساك تعني بأمر دنياك أضعاف عنايتك بأمور آخرتك وعسى مصيبتك في انتقاص دنياك نعم وخوفك من ذهاب مالك أضعاف خوفك من الذنوب. وعساك تبذل ما جمعت من الأوساخ كلها للعلو والرفعة في الدنيا، وعساك ترضي المخلوقين بمساخط الرب، كيما تبر وتكرم وتعظم ويحك !! فكأن إحتقار الله لك يوم القيامة أهون عليك من إحتقار الناس اياك، وعساك تخفي من المخلوقين مساويك، ولا تكثرت لاطلاع الله عليك فيها، وكأن الفضيحة عند الله أهون عليك من الفضيحة في الناس، وكأن العبيد عندك أعلى قدرا من الله عز وجل . تعالى الله عن جهلك .

ويحك. بل ويلك !! هل بقي من الأسواء شيء لم تحتو عليه نفسك؟

فكيف أنت عند ذوي الألباب وهذه المسائل الفاضحة فيك وأنت تتلوث في الأقذار. وتحتج بمال الأبرار؟

(1) حديث " من أسف على الدنيا" : أخرجه إبن أبي الدنيا في ذم الدنيا: (2) حديث " من أحب الدنيا : أورده الغزالي في الإحياء، وقال العراقي : " لم اجده إلا بلاغا للحارث بن أسد المحاسبي كما ذكره المصنف عنه" . (احياء علوم الديم 292/3)

صفحه ۸۳