84

============================================================

هيهات : ما أبعدك من السلف ! ووالله لقد بلغني أنهم كانوا فيسما أحل الله لهم أزهد منكم فيما حرم عليكم . إن الذي لا بأس به عندكم من الموبقات عندهم . وكانوا(1) للزلة الصغيرة اشد إستعظاما منكم للكبائر والمعاصي: وليت أطيب مالك وأحله عندك كان مثل شبهات أموالهم وليتك اشفقت من سيئاتك كما أشفقوا من حسناتهم الا تقبل منهم . وليت صومك على مثل إفطارهم، وليت إجتهادك في العبادة على مثل فتورهم ونومهم . وليت بميع حسناتك على مثل واحدة من حسناتهم ولقد بلغفي أن بعض الصحابة قال: "غنيمة الصديقين ما فاتهم من الدنيا، ونهمتهم ما زوى عنهم منها، فمن لم يكن كذلك فليس معهم في الدنيا، ولا معهم في الآخرة فسبحان الله 1! كم بين الفريقين من التفاوت، فريق مع خيار الصحابة في العلو عند الله، وفريق مع أمثالهم في الأسفلين، أو يعفو الكريم بفضله.

قلة الحلال في أيامنا : وبعد . فإن زعمت بأنك متأس بالصحابة، تجمع المال للتعفف والبذل في سبيل الله، فتدبر أمرك.

ويحك !1 هل تجد في دهرك من الحلال كما وجدوا في دهرهم ؟ أو تحسب أنك تحتاط في طلب الحلال كما إحتاطوا؟ لقد بلغني أن بعض الصحابة قال : " كنا ندع سبعين بابا من الحلال مخافة ان نقع في باب من الحرام، أفتطمع من نفسك في مثل هذا الاحتياط ؟ . لا ورب الكعبة. ما احسبك كذلك ويحك !! كن على يقين أن جمع المال لأعمال البر مكر من الشيطان، يوقمك بسبب البر في اكتساب الشبهات الممزوجة بالسحت والحرام وقد بلغنا أن رسول اللهقال : (1) في الأصل : وكان .

صفحه ۸۴