...قال الشيخ علاء الدين القونوي: لا يبعد أن يقال أرواح الأنبياء عليهم السلام بعد المفارقة بمنزل الملائكة وأفضل منهم وكما أن الملك يتمثل في صور مختلفة يجوز أن تكون أرواحهم كذلك وقد كان جبرائيل عليه السلام يتمثل للنبي صلى الله عليه وسلم وفي صورة دحية ويتمثل لمريم بشرا سويا ومن الممكن أن يخص الله تعالى بعض عباده في الحياة أيضا بهذه الخاصة فيرزقه قوة يقدرها على التصرف في بدن آخر غير بدنها المعهود مع استمرار تصرفها في الأول وفد قيل في الأبدال إنهم إنما سموا أبدالا لأنهم قد يرحلون إلى مكان ويقيمون في مكانهم الأول شيخا آخر شبيها بشيخهم الأصلي بدلا عنه هذا أحد ما ذكروه في سبب التسمية وقيل سموا بذلك لتبدل أخلاقهم وقيل: لأنهم إذا مات واحد منهم أقام الله تعالى بدلا منه إلى أن يريد خلاف ذلك وإذا جاز في الجن أن يتشكلوا في صور مختلفة فالأنبياء والأولياء والملائكة أولى بذلك وقد أثبت الصوفية عالما متوسطا عالمي الأجساد وأكثف من عالم الأروح وبنوا على ذلك ظهور الأرواح وفي صور مختلفة من عالم المثال، وقد يستأنس بذلك بقوله تعالى: (فتمثل لها بشرا سويا) فكون الروح الواحدة روح مثلا في وقت واحد مدبرا بشبحه الأصلي وله ولهذا الشبح المثالي، وتحل بهذا ما قد اشتهر نقله عن بعض الأئمة أنه سأل بعض الأكابر عن جسم جبريل عليه السلام: أين كان جسده الأول الذي سد الأفق بأجنحته لما تراءى للنبي صلى الله عليه وسلم في صورة دحية، وقد تكلف بعضهم الجواب عنه بأنه يجوز أن يقال: كان يندمج بعضه في بعض إلى أن يصغر حجمه فيصير بقدر صورة دحية، ثم يعود ينبسط إلى أن يصير كهيئته الأولى بناء على جهاز التخلخل والتكاثف في الأجسام.
صفحه ۱۳۴