[11_2]
باكرت جنوب الشام، وأن شعراء الجزيرة كانوا يفدون على المناذرة والغساسنة فيلقون صدورا رحبة، ويتقبل أمراء ذينك الإقليمين أماديح شعراء العرب بقبول حسن إذا عرفنا هذا فلا علينا أن نقول إن صلات العرب والفرس استحكمت قبل البعثة بزمن طويل، وكثرت في الفتح وفود الشعراء على بعض أمراء العرب من الفاتحين في فارس، واقتضى نصب كتاب يكتبون لهم في أغراضهم المختلفة.
وقر في صدور الشعراء والكتاب من العرب ما رأوه في أرض فارس من مدنية قديمة، فأخذوا ينقلون ما رأوا أمتهم في حاجة إليه، وأخذت الدولة العربية عن فارس قوانين الملك والمملكة، وترتيب الخاصة والعامة، وسياسة الرعية، وكانت أكثر العربات مأخوذة من الفارسية. ولما نقلت الدواوين على عهد عبد الملك بن مروان من الفارسية والرومية والقبطية إلى اللغة العربية انتقل جمهور كبير من الكتاب والحساب من الأعاجم إلى حجر العرب يكثرون سوادهم.
ولما كان معظم من دانوا بالإسلام من الفرس لأول المر أكثر من الروم والقبط - والفرس مجوس تقصد كالمشركين هدايتهم أولا ويتسامح مع أهل الكتاب - كثر عديد الكتاب من الفرس بالضرورة، وزاد عدد من ينزلون بلادهم من العرب، لتولي الأحكام وإدارة الملك، وسرت إليهم بعض عادات الفرس من حيث لا يشعرون، وأمسوا يغرقون في التبجيل والتحميد، ويستعملون ذلك في الرسائل والخطب، وظلت كتابة الكتب بمعزل. وبهذا تكون الأسلوب الفارسي. وكان عبد الملك بن مروان كثيرا ما يقول: إن روح بن زنباع، وهو من المشهورين بالخطابة والعلم والسياسة: شامي الطاعة، عراقي الخط، حجازي الفقه، فارسي الكتابة.
وتجلت في القرن الثاني الطريقة الفارسية في العربية، ووضع عبد الحميد بن يحيى أساس هذا الأسلوب المطول، وكان يحسن الفارسية، وهو أول من أطال
صفحه ۱۱