"القانون" (١) فيه، وعزمتُ على الاشتغال فيه، فأظلم عليَّ قلبي، وبقيتُ أيامًا/ لا أقدر على الاشتغال بشيءٍ، ففكرتُ في أمري، ومن [٦] أين دخل عليَّ الداخل، فألهمني الله تعالى أن سببه اشتغالي بالطبِّ، فبِعْتُ في الحال الكتاب المذكور، وأخرجتُ من بيتي كلَّ ما يتعلق بعلم الطب، فاستنار قلبي، ورجع إليَّ حالي، وعدتُ إلى ما كنتُ عليه أولًا" (٢).
...
٤ - فصل
ذكر لي رحمه الله تعالى قال: "كنت مريضا بالمدرسة الرّواحيَّة، فبينا أنا في بعض الليالي في الصُّفَّة الشرقية منها، ووالدي وإخوتي وجماعة من أقاربي نائمون إلى جانبي؛ إذ نشَّطني الله، وعافاني من ألمي، فاشتاقت نفسي إلى الذكر، فجعلتُ أسبِّح، فبينا أنا كذلك بين الجهر والإسرار؛ إذا شيخٌ حسنُ الصورةِ، جميلُ المنظرِ، يتوضَّأ على حافَّةِ البِرْكَة وقتَ نصفِ الليلِ، أو قريب منه، فلما فرغ مِن وضوئه؛ أتاني، وقال لي: يا ولدي! لا تذكر الله تعالى وتهوِّش على والدك
_________
(١) "القانون في الطب" كتاب لأبي علي حسين بن عبد الله المعروف بـ (ابن سينا)، المتوفى سنة (٤٢٨ هـ).
(٢) انظر تعليق السخاوي في "ترجمة الإمام النووي" (ص ٧) على هذه الحادثة، والجواب على: كيف يقول الإمام النووي هذا؟ وقد قال حرملة بن يحيى: "إن الشافعي يتلهَّف على ما ضيَّع المسلمون من الطب، ويقول: ضيَّعوا ثلث العلم، ووكلوه إلى اليهود والنَّصارى"!!
1 / 51