وجلس مولانا السلطان في الليل وأرقدت الشموع الكثيرة، ولم يكن حول مولانا السلطان غیر خوام مماليكه لا غير، وهم في أحسن زی وأ كل صورة، ومولانا السلطان قد بهر جلاله، وكاد يأخذ العقول جماله. قد أنزل الله عليه السكينة والوقار وقت به من كل جانب الأنوار.
فلما دخل الشيخ عبد الرحمن اعتقد أن ذلك المقام لا يهول، وانه ) يسنخفة عقولا مثل تلك المقول. فدخل زى الفقراء، فرسم له بتقبيل الأرض، أبي كبرة منه وزهوة. فأهوي به إلى الأرض حتى كادت أعضاؤه تتفخ عضوا فمضوا. وقل ذلك طرقا عدة، والمين إليه من مولانا السلطان غير ممتدة. وكذلك فعل بصيداغو و بشمس الدين بن الصاحب الواصل معهم.
ولما حضروا مع مولانا السلطان كلامهم، وأخذ الكتاب الموارد من الملك أحمد على يد الشيخ عبد الرحمن، وقاموا من بين يدی مولانا السلمان، نير لهم الخلع الفاخرة مرارا، وتفقدهم. وأعلمهم بعد ذلك بموت السلطان أحمد. ثم أحضرم مرة أخرى. وكان الشيخ عبد الرحمن قد أحضر هدية تبلت. واستقروا على حالهم في الإحسان والإقامات الواسعة. والمعاملة بالجميل.
ونسخة الكتاب المسير على يد الشيخ عبد الرحمن، وصمداغو:
بسم الله الرحمن الرحيم بقوة الله تعالى باقبال تا آن. فرمان أحمد. إلى سلطان مصر. أما بعد فالذي يجب على الاقل بذل الجهد وترك الإمال والتواني، واستنفاد الوسع في اقتناء الذكر الباقي الذي هو العمر الثاني، وقد انحصر الثناء الجميل والثواب الجزيل في التعظيم لأمر الله، والشفقة على خلق الله، واستعمال العدل والفة المندوب إليها. وأي عذل وصفة أعظم قذرا، وأعلى ذكرا في سائر الأصقاع والممالك، من إنقاذ الأنفس بجريمة الذقن من الهالك و إطفاء ناثرة أكباد حري، وقلوب جرحي، ومن أحياها فكأنما أخيا. ولما لم يكن لنا بفضل الله العظيم، وإحسانه الجسم، افتقار ولا بنية، ولم يبق في ضميرنا إرادة ولا منية، سوى رفاهية العالم، وطمأنينة بني آدم، خصوصا الطائفة الإسلامية، وأهل اليلة الحنيفية أنفذنا الأجية إلى إخواننا: وفای آقا وتودامنکو وغيرها، ونبهنام على أن الملك المقيم الذي ادخره لنا جدنا جنكيزخان وآباؤنا الكرام بعد الصبر على الثقة في تحصيله والمقاساة، وتحمل أعباء الشدائد والمعاناة، بمجرد النزاع والخصام، وخلاف الوفاق واختلاف الكلام قد أشرف على شحوب بهجته و بهائه، وتكدير رونق صفاء مائه، والآن آن أن نستبدل وحشة النزاع بأنس الصلح، ونتموض عن غيهب ليلة النفار والنقار تباشير الشبح، وتغمد السيوف البواتر التي استلمت من الأغاد، و في أثر الهرج والمرج و تعرض عن الأغراض والأحقاد ويتفق الجميع على القيام بواجب کوج فان وخدمته، والالتزام بواجب طاعته، والاشتال على مابنوط بمصلحته. وحيث تأملوا ذلك بين البصيرة، ورأى من حنکه دوران الفلك والتجربة تبين لهم أن هذا الرأي تحض شور لايشو به غش ولا مداهنة، وخالص تنبيه لا يغادره سوی زبدة الناعمة. فقالوا: إن الذي وقع من الخلاف كان بين من قد قضى نحبه من الآباء والأسلاف ولم تجر بيتنا مخاشنة، ولا وقع خلف ولا مشاحنة، فذنا إلى ما كان عليه آباؤنا القدماء الكرام، من الاتفاق والائتلاف وحفظ العهد والأمام. والتزمنا ألآ ينحل عقد هذا النظام. والله الموفق الرشاد، والهادي إلى التداد. ولما يفرغ البال من إصلاح ذات البين، واستحكمت مرائر الائتلاف بين الجهتين، أنفذنا الأيلحية بعد النية الخالصة لله والرسول تسكينا للفتن الثائرة، و إطفاء الهيب تلك الثائرة، وحقنا لدماء المسلمين، وسد الثقة الدين. فكانت خلاصة جوابه وزبدة خطابه عند وقوفه على ما كتب به إليه أنه: لو أنفذ أبونا شیخ الإسلام قدوة العارفين كمال الدين عبد الرحمن لکنت أسكن إلى أمانته وأخلد إلى ديانته وأسمع منه ما لم يحتمل إيداعه الكتب وأشانهه بما عندي من المصالح وأخاطبه بما ينطوي عليه ضميرى للمسلمين من اللصانع. هذا وغير خاف أنه يعز علينا بعاده، ويوحشنا بينه وفراقه. ور بما اتصل به ما نستفيده من حسن معاشرته، وجميل مصاحبته. وحيث كان الماسه موجبا لإشاعة الخير العام، و إذاعة شعار الإسلام، رضينا بتوجهه إلى جهته، إسعاف المقترحه، وجعلناه في اتخاذ العهد واليمين، بدلا عن شمالنا واليمين، ولم يكن بين كلامنا وكلامه بون، إذ هو لنا في أمور الدين نعم التون. والتزمنا بكل ما عساه بسنده إلينا، و بما يرى ثقة بأنه الناصح، الذي لا ينطق عن الهوى. ور با شرذمة من الجهال (من الجهتين) من أهل الشقاق والنفاق لاتجتمع كلتهم على الوفاق، تنافي طبائعهم الصلح والاتفاق، بریدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره، لاختلاف منهم، وطمعا في إدراك بغيتهم. فالواجب ألا نسمع أقوالهم، وتترك أفعالهم، أولئك الذين حبطت أعمالهم، ومن المعلوم أن كل أمر يمكن اعتماده على الوجه الجميل بحيث تنحسم فيه مواد القال والقيل، لا ينبني أن تكون الحال فيه بالضد، خصوصا في الخطب الإذ، والأمر الجد.
صفحه ۶۹