ذکر قصد العساكر الحلبية جهة الثيني وما قدره الله لها من نصر
لم تزل الأخبار في هذه المدد كلها تصل إلى مولانا السلطان من القصاد والمناصحين والمترددين بأن جماعة من قلعة التينى من الأرمن يقطعون الطرقات ويخيفون السبيل، ويتوقعون على القصاد، وكثرت الشكوى منهم. فسیر مولانا السلطان إلى النائب بحلب المحروسة يأمرهم باغتنام فرصة في هذا المكان، فاهتم النائب بحلب بذلك، وسير جماعة من العسكر مقدمهم الأمير سيف الدين بلبان الشمسي، وتوجهت جماعة من الحشود إليها ونازلوها وطمعوا في أخذها ورموا عليها بالمنجنيقات وأخربوا برجا من أبراجها و بدنة من أسوارها، فصاح أهلها: الأمان وسألوا إنقاذ من يتوجه إليهم، فسير إليهم نفرین من حلقة حلب. وتحدثوا معهم في أنهم ينزلون من القلعة، أو يقطعون عليهم قطيعة برسم تطابيق خيل العسكر المنصور، وقرروا على نفوسهم سبعة عشر ألف درهم، وحملوا منها ألفى درهم وأعطوا رهينة على بقية المبلغ، وهو أحد النصارى. وهم في أثناء ذلك وفي مخادعة أهل الحصن حتى تمكنوا منهم، إذ حضر ابن البابا و بقي على جبل ليسون بالقريب منهم لیغتنم فرصة. وسير جماعة من القراغول، فوقع عليهم اليزك المنصور وجا بوجه، واقتلوا، فقتل من التتار أكثرهم وامسك منهم ستة نفر، و نهبت بعض خيل القراغول، وكانت النصرة للمسلمين. وكان من استشهد الأمير شهاب الدین حیدر قبل ذلك بسهم. وعاد العسكر في حرز السلامة، فوصلوا البيرة ضحوة نهار السبت ثامن شهر ربيع الآخر من هذه السنة. وخربت قلعة التيني وما بقي أحد يقدر على الإقامة بها. ED
صفحه ۶۷