وذلك أنه لما بلغ مولانا السلطان خروجه من الأردو صارت اخباره تصل إلى مولانا السلطان منزلة فنزلة، ومرحلة فرطة. فوصل إلى ماردين في الرابع من شهر ربيع الآخر ثم وصل إلى البيرة المحروسة ومحبته من أكابر المغل صمداغو، ومعه جماعة من کتاب وفقهاء وفقراء ومغل خدمته يحملون جتر يرفع على رأسه وسلاح دار بة وأرباب ملاع وغير ذلك من غلمان وجواش وأرباب أشغال وذوي خدمة، عالم كثير. وكان مولانا السلطان قد سير بإزالة هذه النواميس و إزالة رحم المجم الذي يقصدون إكلمته في بلاد مولانا السلطان. فلما ركبوا من البيرة المحروسة تلقاهم الأمير جمال الدين اقش الفارسی أحد الأمراء بحلب المحروسة، فمنعهما من حمل المتر وحمل السلاح وركوب المغل خلفه، وركبهم في النيل من غير رهج ولا إعلام أحد بأمره، وساق بهم منكبا عن الطريق الملوكة. فعز عليهم ذلك وانزعجوا، فما التفت اليهم جمال الدين أقش الفارسي ولا شال بهم رأسا. وقرر أن أحدا من المجردين معه لا يكلمهم ولا يحدثهم ولا يساوقهم ولا يملا منهم عينا ولا نظرة. ووصل بهم إلى حلب في سادس عشرین شوال من هذه السنة. وأختي أمرهم حتى لم يعلم بهم أحد، ولم يجسر أحد أن يكلمهم ولا يتحدث في أمرهم بشيء. ثم أخرجوا من حلب في الليل، وعدل بهم عن الطرقات السلوكة، وصاروا يسوقون جمله والمرحون بعيد منهم بحيث لا يسمعون كلامهم وم ينزنجون ويحردون ولايلتفت أحد عليهم، حتى وصلوا إلى دمشق) - اذکرنا۔ فدخل بهم في الليل إلى القلعة وانزلوا في دار رضوان وكثرت الإقامات عليهم من كل شيء من سائر الأصناف ). رجری الأمر على أن أحدا لا يكلهم ولا يتحدث معهم بشيء، بل يسمع ما يقولون ولا يرد عليهم جواب. وجمل غلمانهم وحواشيهم وأرباب الخدم ناسية في أماكن محفوظة. وأقيمت ليلهم ودوابهم غلمان يدورون بها و يخدمونها، وحفظت عددها وآلاتها. واستمر حالهم على ذلك إلى حيث حضور مولانا السلطان إلى الشام، على ما سيذكر
صفحه ۴۹