قال: في آخر سنة 463 ه توفي أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت المحدث الخطيب مؤلف تاريخ بغداد، وكان علامة دهره وعالم عصره. وفي سنة 464 ه كان السلطان رتب لبغداد شحنة يقال له آيتكين السليماني، ووردها في شهر ربيع الأول، فلم يرض الخليفة بتوليته، وذلك لأن ابنه قتل أحد الغلمان الدارية فصرفه السلطان بسعد الدولة كوهرائين، ووصل إلى بغداد في شهر ربيع الآخر، في جمع كالبحر الزاخر، ووقع بإقباله الاحتفال، ورتب لحفلة الاستقبال. وخرج الناس على طبقاتهم لتلقيه، وجرى القدر بترقيه. وجلس له الخليفة في دار أرسلان خاتون، وتهذب البلد بسياسته، وتمت الحماية بحميته. وورد في آخر شهر ربيع الأول الوزير أبو العلاء محمد بن الحسين، وعليه خلع سلطانية، وكان قد نبه السلطان إلى خدمة الخليفة لتقوية ما توهمه من الأسباب الضعيفة. وخصه بالحب والحباء، ولقبه بوزير الوزراء، وأقطعه النصف من إقطاع الوزير فخر الدولة ابن جهير.
فلما وصل تقدم الخليفة بأن لا يستقبل، ولا يحتفل به إذا أقبل ولا يقبل، فلما انتهى إلى باب النوبي، نزل وقبل الأرض وانصرف. ولم يرض للقبول وما تصرف.
وأقام ببغداد أياما ثم رحل، وحل بالحلة المزيدية مستزيدا، وصرف أخوه أبو المعاني عن الحجية، فعاد بعد أن كان حاجبا قريبا محجوبا بعيدا. وفي صفر من هذه السنة توجه عميد الدولة أبو منصور ابن الوزير بخلع أمامية إلى ألب أرسلان بنيسابور، ووكل في تزويج المقتدي ببنت ألب أرسلان المنعوتة بخاتون السفرية. فسفر وجه وجاهته بهذه السفرة الصفرية. فلما وصل تلقى بالعظماء واستقبل وتقدم بإنزاله في المرتبة الكبيرة، وترتيب الأنزال الكثيرة، وعقد العقد للمقتدي على بنت السلطان في أسعد ساعة، وأحسن عادة. وكان يوما مشهودا أزهر، قد نثر فيه الملوك الجوهر. ولما عاد عميد الدولة جعل على أصفهان العبور، فلقى من ملكشاه ولد السلطان الحب والحباء والحبور. وأفاض عليه الخلع الإمامية فلبسها، وأحكم عنده قواعد الأمور في العواقب وأسسها. وكان ملكشاه قد عاد من شيراز وهو سائر إلى والده، وورد المملكة منه ظمآن إلى وارده. وعاد عميد الدولة إلى بغداد في ثامن عشر ذي الحجة، بادي الحجة، هادي المحجة.
ذكر وفاة ألب أرسلان في سنة خمس وستين وأربعمائة
صفحه ۲۱۱