ومن عجيب ما حكي في أسر الملك، أنه كان لسعد الدولة كوهرائين ، مملوك أهداه لنظام الملك فرده عليه، ولم ينظر إليه، فرغبه فيه كثيرا. فقال نظام الملك: وما يراد منه، عسى أن تأتينا بملك الروم أسيرا! وذكر ذلك استهزاء به واستصغارا لقدره واحتقارا لأمره. فاتفق وقوع متملك الروم يوم المصاف في أسر ذلك الغلام، ووافق تصديق قول النظام. وخلع السلطان عليه وقال: «اقترح من العطاء ما أعطيك»
فطلب بشارة غزنة.
قال: ودخل السلطان إلى أذربيجان بملكه وأيده 1، والملك في قيده وصيده، وهو أسيف جهده، وأسير جهله، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله. فإنه خرج وفي نيته فتح الدنيا وحتف الدين، وقهر السلاطين، ونصر الشياطين. ثم ذل بعد العز وهان، وتعرض للابتذال كل ما صان. ثم تعطف عليه السلطان وأحضره بين يديه وقال: «أخبرني بصدقك في قصدك، وما الذي قدرت لو قدرت». فقال: «كنت أحسب أني أحبس من أسرته منكم مع الكلاب، وأجعله في السبايا والأسلاب، وإن أخذتك مأسورا، اتخذت لك وقد ساء جوري ساجورا» 2. فقال السلطان: «قد عثرت على سر شرك، فماذا بك الآن نصنع، ونحن منك بما نويته فينا لا نقنع».
فقال: «انظر عاقبة فساد نيتي، والعقوبة التي جرتها إلي جريرتي». فرق له قلب ألب أرسلان وأرسله، وفك قيده ووصله، وأفرج عنه معجلا، وسرحه مبجلا. ولما انصرف الملك أرمانوس مأنوسا رمى ناسه اسمه، ومحوا من الملك رسمه. وقالوا هذا من عداد الملوك ساقط وزعموا أن المسيح عليه ساخط.
ذكر أحداث حدثت في هذه السنين
صفحه ۲۱۰