الاسلام فِي جوامعها كَمَا كَانَت عَلَيْهِ قبل
هَذَا وَفِي اول شَوَّال سنة ٦٢٢ توفّي الْخَلِيفَة النَّاصِر لدين الله وَكَانَت مدَّته نَحْو سبع واربعين سنة وَكَانَ مُسْتقِلّا بالعراق صارفا همته للمحافظة عَلَيْهِ وَلم يحارب الافرنج اصلا وَفِي مدَّته ظهر التتر وَخَرجُوا من بِلَادهمْ الْوَاقِعَة غرب بِلَاد الصين فِي سنة ٦١٧ هجرية تَحت قيادة رئيسهم جنكيزخان فقصدوا اولا بِلَاد خوارزم وفتحوها وملكوا بُخَارى وسمرقند وغزنة بعد محاربات عنيفة ثمَّ سَارَتْ فرقة إِلَى بِلَاد الروس الشمالية وملكوها وَبقيت فِي ملكهم إِلَى اواخر الْقرن الْخَامِس عشر للميلاد وَيُقَال ان الْخَلِيفَة النَّاصِر هُوَ الَّذِي استدعاهم من بِلَادهمْ لمحاربة خوارزمشاه فجر بذلك على الاسلام اجْمَعْ من المصائب مَا لم يطْرَأ عَلَيْهِ ابدا لانهم كَانُوا يقتلُون الْمُسلمين ويسبون نِسَاءَهُمْ ويخربون الْجَوَامِع ويحرقون الْكتب النفيسة ويرتكبون انواع الْمُنْكَرَات جهارا
وَبعد موت الْخَلِيفَة النَّاصِر لدين الله بُويِعَ ابْنه ابو النَّصْر مُحَمَّد ولقب الظَّاهِر بِأَمْر الله وَلم تطل مدَّته فانه توفّي فِي ١٤ رَجَب سنة ٦٢٣ وبويع بعد مَوته ابْنه ابو جَعْفَر الْمَنْصُور ولقب الْمُسْتَنْصر بِاللَّه وَفِي خِلَافَته اخذ امْر الاسلام فِي الضعْف بعد ان بلغ من الْقُوَّة مبلغا عَظِيما حَتَّى استخلصوا مَدِينَة الْقُدس من الافرنج وَسبب هَذَا الضعْف انقسام اولاد صَلَاح الدّين الايوبي واخوته ومحاربتهم بَعضهم بَعْضًا طَمَعا فِي امتلاك مَدِينَة اَوْ قَرْيَة غير ناظرين إِلَى الاجانب المحتلين بعض بِلَاد الشَّام يتربصون الفرص للانقضاض عَلَيْهِم واسترجاع مَدِينَة الْقُدس ثَانِيًا فَلَمَّا توفّي الْملك الْمُعظم ابْن الْملك الْعَادِل بن ايوب فِي ذِي الْقعدَة سنة ٦٢٤ صَاحب دمشق وَخَلفه ابْنه النَّاصِر دَاوُد اتَّحد الْملك الْكَامِل صَاحب مصر واخوه الْملك الاشرف على انتزاع دمشق من يَد النَّاصِر ابْن اخيهما الْمُعظم وليتمكن الْكَامِل من التفرغ لمحاربة النَّاصِر
1 / 80