218

============================================================

النمهيد شح معالم العدل والتوحيل قوله: الخصوصية التي تثبتونها هي نفس الصفة التي نثبتها، قلنا: هذا إنما يلزم لو قلنا بأن الخصوصية أمر زائد على الذات كما زعمتم في الصفة، وليس الأمر كذلك، فإن الصفة التي تزعمون أن ذات الله تعالى تخالف خلقه بها إن لم تكن ممتازة عن غيرها وجب أن تقولوا إن الله يخلق وتمنعون أن يخالف بذات أو بشيء آخر؛ لأن الحكم بوقوع المخالفة بها وامتناع وقوع المخالفة بغيرها لا يمكن إلا بعد امتيازها عن غيرها، ثم امتيازها عن غيرها إن كان لحالة تسلسل، وإن كان امتيازها بحقيقتها فأعقلوا مثله في نفس الذات من غير حالة زائدة، لا يقال: إن الأحوال لا توصف بوصف ولا يمكن وصفها بالخصوصية، بل الذات الموصوفة بتلك الحالة هي الخصوصية، وليس للحالة خصوصية، فلا يلزم التسلسل. لأنا نقول: إن خصوصية الذات لما لم تعقل إلا لأجل تلك الصفة فلا بد وأن تكون خصوصية تلك الصفة معقولة أولا؛ لأن الذات مع الصفة عبارة عن الذات والصفة جميعا، وما لم تعقل الخصوصية في المفردات امتنع تعقله في المركبات أيضا، فإذا تقرر ذلك فنقول: إذا لم يكن الامتياز ثابتا بين الذوات فلا بد من ثبوته بين الصفات وإلا استحال أن تعقل الذات الموصوفة المتميزة، فإن كان امتياز الصفة بصفة تسلسل، وإن كان امتيازها لحقيقتها كان امتياز الذات لحقيقة أيضا.

الوجه الثاني أن الذات يمكن تقسيمها إلى القديم والحادث، ومورد التقسيم لا بد أن يكون مشتركا بين الأقسام فيجب أن يكون أصل الذات مشتركا بين القديم والحادث، ثم لا شك أن الله تعالى مخالف لخلقه، وما وقع به الاشتراك غير ما وقع به الامتياز، فيجب أن يكون ما خالف الله به خلقه أمر غير ذاته.

وجوابه من وجهين: أما أولا فنقول: مورد التقسيم هو أمر وراء خصوصية الذات تشترك فيه الأنواع وهو كونها يصح أن تعلم، وهذا أمر يمكن تقسيمها عليه، فلا يلزم من الاشتراك فيه الاشتراك في خصوصية الذات.

صفحه ۲۱۸