تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي

علامه طباطبایی d. 1402 AH
100

تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي

تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي

ژانرها

تفسیر

والواحد منا إذا راجع ما أسلفه من عمره ونظر إلى ما قصر به في الاستكمال والارتقاء يلوم نفسه بالتفريط في سعيه وطلبه ثم يلتفت إلى جهالة الشباب ونقص التجارب فربما خمدت نار غضبه وانكسرت سورة ملامته لرحمة ناقصة أودعها الله فطرته، فما ظنك برحمة رب العالمين في موقف ليس فيه إلا جهالة إنسان ضعيف وكرامة النبي الرءوف الرحيم ورحمة أرحم الراحمين.

وقد رأى ما رأى من وبال أمره من لدن نشبت عليه أظفار المنية إلى آخر مواقف يوم القيامة.

وفي تفسير القمي،: في قوله تعالى: ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له الآية، عن أبي العباس المكبر قال: دخل مولى لامرأة علي بن الحسين يقال له: أبو أيمن فقال: يا أبا جعفر تغرون الناس وتقولون: شفاعة محمد، شفاعة محمد فغضب أبو جعفر حتى تربد وجهه، ثم قال: ويحك يا أبا أيمن أغرك أن عف بطنك وفرجك؟ أما لو قد رأيت أفزاع القيمة لقد احتجت إلى شفاعة محمد، ويلك فهل يشفع إلا لمن وجبت له النار؟ قال: ما من أحد من الأولين والآخرين إلا وهو محتاج إلى شفاعة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم القيامة، ثم قال أبو جعفر: إن لرسول الله الشفاعة في أمته، ولنا شفاعة في شيعتنا، ولشيعتنا شفاعة في أهاليهم، ثم قال: وإن المؤمن ليشفع في مثل ربيعة ومضر، وإن المؤمن ليشفع لخادمه ويقول: يا رب حق خدمتي كان يقيني الحر والبرد.

أقول: قوله (عليه السلام): ما من أحد من الأولين والآخرين إلا وهو محتاج إلى شفاعة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ظاهرة أن هذه الشفاعة العامة غير التي ذكرها بقوله: ويلك فهل يشفع إلا لمن وجبت له النار وقد مر نظير هذا المعنى في رواية العياشي عن عبيد بن زرارة عن الصادق (عليه السلام).

وفي هذا المعنى روايات أخر روتها العامة والخاصة، ويدل عليه قوله تعالى: "ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون:" الزخرف - 86، حيث يفيد أن الملاك في الشفاعة هو الشهادة، فالشهداء هم الشفعاء المالكون للشفاعة، وسيأتي إن شاء الله في قوله تعالى: "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا:" البقرة - 143، أن الأنبياء شهداء وأن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) شهيد عليهم، فهو (صلى الله عليه وآله وسلم) شهيد الشهداء فهو شفيع الشفعاء ولو لا شهادة الشهداء لما قام للقيامة أساس.

وفي تفسير القمي، أيضا: في قوله تعالى: ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له. قال (عليه السلام): لا يشفع أحد من أنبياء الله ورسله حتى يأذن الله له إلا رسول الله فإن الله أذن له في الشفاعة قبل يوم القيامة، والشفاعة له وللأئمة من ولده ثم من بعد ذلك للأنبياء.

وفي الخصال،: عن علي (عليه السلام) قال قال : رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ثلاثة يشفعون إلى الله عز وجل فيشفعون: الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء.

أقول: الظاهر أن المراد بالشهداء، شهداء معركة القتال كما هو المعروف في لسان الأئمة في الأخبار لا شهداء الأعمال كما هو مصطلح القرآن.

وفي الخصال، في حديث الأربعمائة: وقال (عليه السلام): لنا شفاعة ولأهل مودتنا شفاعة.

أقول: وهناك روايات كثيرة في شفاعة سيدة النساء فاطمة (عليها السلام) وشفاعة ذريتها غير الأئمة وشفاعة المؤمنين حتى السقط منهم.

ففي الحديث المعروف عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): تناكحوا تناسلوا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ولو بالسقط يقوم محبنطئا على باب الجنة فيقال له: ادخل فيقول: لا حتى يدخل أبواي الحديث.

وفي الخصال، عن أبي عبد الله عن أبيه عن جده عن علي (عليه السلام) قال: إن للجنة ثمانية أبواب، باب يدخل منه النبيون والصديقون، وباب يدخل منه الشهداء والصالحون، وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبونا، فلا أزال واقفا على الصراط أدعو وأقول: رب سلم شيعتي ومحبي وأنصاري ومن تولاني في دار الدنيا فإذا النداء من بطنان العرش، قد أجيبت دعوتك، وشفعت في شيعتك، ويشفع كل رجل من شيعتي ومن تولاني ونصرني وحارب من عاداني بفعل أو قول في سبعين ألفا من جيرانه وأقربائه، وباب يدخل منه سائر المسلمين ممن يشهد أن لا إله إلا الله ولم يكن في قلبه مقدار ذرة من بغضنا أهل البيت.

صفحه ۱۰۱