عليهم أخاه هارون (عليه السلام)، ويتخذون العجل إلها من دون الله تعالى، ولم ينهه عن تقديمه، ولا منعه من استخلافه وتركه، وفعل الأفضل في حكمته؟ وليس لهم أن يفعلوا فإن الامتحان (1) هو إلى الله تعالى دون العباد وتقديمهم الفاضل وهذه الحال امتحان، لأن هذه العلة تسقط من أيديهم من حيث إن الله تعالى هو الدال على وجوب تقديم الفاضل بدليل العقل والسمع، فإذا هم قدموه، وانقادوا له وأطاعوه، فإنما قدموا من قدمه الله، وأطاعوا من ولاه أمرهم، فهو الممتحن للعباد دونهم، وأما أحقادهم (2) عليه فإنما كانت في أمور يرضاها الله عز وجل، وهو الآمر بها على لسان رسوله (صلى الله عليه وآله) (3)، فقد كان يجب أن يكون حقدهم على من [كان] هو الأصل فيها [والآمر بها] والداعي إليها قاتلهم الله.
أترى لو قالت طائفة من الأمة: لسنا نثبت على الإيمان إلا بأن نخرج الفاضل من بيننا، هل كان يجب إخراجه؟ بل لو قالت ذلك بعد العقد [له] هل كان يجب عزله؟ هذا إذا كانوا يعلمون أن قوما عند تقديمه يرتدون فكيف وإنما معهم في ذلك الدعوى من غير يقين والأمر بضد ما يقولون؟ ولقد أحسن شاعرنا حيث يقول:
لو سلموا لعلي الأمر واحتسبوا (4) * ما سل بينهم في الناس سيفان ومن عجيب أمرهم: اعتمادهم (5) على هذا الاعتذار مع علمهم باختلاف الناس
صفحه ۷۱