فقال له ايوب بن العباس يا امير المؤمنين بخيل نركبها ، فامر الامام رحمه الله ايوب بدخول دار الدواب فدخل الاصطبل فجعل كلما رأى فرسا حسن الصورة ، أخذ بناصيته وجذبه فلا تثبت حوافره على الأرض يكاد يسقط على رأسه ، حتى أتى على آخرها فلم يعجبه منها شيء فقال ايوب للامام اجمع(1) فرسي فان تعبه علي احسن إلى من غيره ، فامر الامام بفرسه فاحضر ، فلما جذبه كما فعل بكل فرس اجتذبه قبل ولم يال جهدا في جبذه فاقنع الفرس برأسه في الهواء طامحا ، ولم تزل له حوافر مثبتة في موضعها ، ثم ردد النظر في الفرس فوجد به الحفاء ، فامر باحراق الرمل حتى حمي ، وفرش ، وأمر عليه فرسه يطأ ذلك الرمل بحوافره ، ففعل به ذلك ثلاثة ايام ، فبعد ذلك امر الناس بالخروج ، فخرجوا والتقى العسكران والناس ينظرون الى ايوب ، فيتعجبون بما يسمعون عنه من اشجاعة ، وانه لا يلقى شجاعا الا قتله ، فاعذر الامام الى المعتزلة ودعاهم الى ترك ما به ضلوا ، فأبوا الا المناصبة وسألوا المناظرة ، وقد صفت الصفوف فخرج مهدى لمحمد بن يأنيس أخرج اليه فناظرة ، فقال له ابن يانيس رحمه الله : بل اخرج اليه انت ، ولست باعلم منا ، ولكن اخشى ان يعقدني العرق الذي من قبل ذلك اسملته نفسه فارسل إلى مهدى في خفية من اصحابه : ان انا ناظرتك فظفرت بي سترت علي ، وان ظفرت بك سترت عليك ، فليس منا احد يدري لمن يكون الظفر . فارسل مهدى إلى اصحابه ان علامة ظفري بالمعتزلي ان أنزع القلنسوة عن رأسي ، واضعها تحت ركبتي ، ثم تناظرا فجرت بينهما وجوه من المناظرة والناس يعلمون ما يقولون ،فلم يظفر احد بصاحبه ، ثم دخلا في مناظرات لم يفقهها احد غير الامام ، ثم دخلا في وجه لم يفقهها أحد ولا الامام ، فما كان باوشك من ان ظفر به مهدى والقى القلنسوة ، فكبر اصحاب مهدى لعلمهم بظفره بالمعتزلي ، فلما رأى المعتزلي ذلك قال غدرت يا مهدى .
صفحه ۶۵