باستطاعته وقوته، وإعطاؤه من ذات نفسه، ومعاونته كف أذاه.
والحديث كالنص على أن هذه الرحمة في النفس هي الدين عند الله، لا يصلح دين بغيرها، ولا يقبل الله صرفًا ولا عدلًا من نفس تخلو منها؛ وإذا كانت بهذه المنزلة، وكانت أساس ما يفرض على الإنسان من الخير والحق، فهي من ذلك في معنى الحديث أساس ما يصلح هذه الإنسانية من الشر والباطل؛ وبهذا كله تكون الغاية الفلسفية التي ينتهي إليها كلامه ﷺ، أنَّ تنشئة الناس على البر والعفة والأمانة للإنسانية هي وحدها الطريقة العملية الممكنة لحل معضلة الشر والجريمة في الاجتماع البشري. وانظر كيف جعل نهاية السمو في رحمة المال الذي يصفونه بأنه شقيق الروح، فكأن الإنسان لا يخرج فيها لغيره من بعض ماله، بل ينخلع من بعض روحه؛
1 / 43