جملته، والحائك يعلم تفاصيله، وإنما قرن امرؤ القيس لذة النساء بلذة الركوب للصيد، والشجاعة في منازلة الأعداء بالسماحة في شراء الخمر للأضياف للتضايف بين كل من الفريقين، وكذلك لما ذكرت الموت في صدر البيت الأول أتبعته بذكر الردى في آخره ليكون أحسن تلاؤمًا، ولما كان وجه الجريح المنهزم عبوسًا، وعينه باكية قلت: " ووجهك وضاح وثغرك باسم "، لأجمع بين الأضداد في المعنى. فأعجب سيف الدولة كلامُه.
قال ابن جنتي: حدثني أبو علي الحسين بن أحمد الفسوي قال: خرجت بحلب أريد دار سيف الدولة، فلما برزت من السور إذا أنا بفارس متلثم قد أهوى نحوي برمح طويل، وسدده إلى صدري، فكدت أطرح نفسي عن الدابة، فحسر لثامه، فإذا المتنبي وأنشد:
نثرتُ رءُوسًا بالأحَيْدب منهمُ ... كما نُثرتْ فوق العَروس الدراهم
ثم قال: كيف هذا القول؟ أحسن هو؟ فقلت: ويحك: قد قتلتني يا رجل. قال ابن جني: فحكيت هذه الحكاية لأبي الطيب بمدينة السلام، فعرفها، وضحك منها.
قال ابن بابك: حضر المتنبي مجلس أب أحمد بن نصر البازيار، وزير سيف الدولة، وهناك أبو عبد الله بن خالويه النحوي، فتماريا في أشجع السلمي وأبي نواس البصري؛ فقال ابن خالويه: أشجع أشعر، إذا قال في هارون الرشيد:
1 / 63