إذا ضَوْءها لاقى مِنَ الطير فُرْجةً ... تَدَوَّر فوق البَيْض مثلَ الدراهمِ
وهذه من أعاجيب أبي الطيب المشهودة، ولو لم يكن له من الإحسان في شعره غيرها لا ستحق بها فضيلة التقديم.
وقد تصرف في هذا المعنى أبو عامر بن أبي بن شهيد الأندلسي، فقال:
وتدري سِباعُ الطَّير إن كُماتَهُ ... إذا لَقْيت صِيدَ الكماةَ سِباعُ
تَطيُر جِياعًا فوقه وتُردُّها ... ظُبَاه إلى الأوكار وهْي شَباعُ
وكذلك أخذه أبو بكر العطار. فغربه بعد الابتذال، فقال:
تظل سباعُ الطير عاكفة بهمْ ... على جُثَث قد سَلَّ أنفسها الذُعْرُ
وقد عَوَّضتهم مِنْ قبور حواصلًا ... فيا من رأى ميتا يطير به قَبْرُ
وآخرُ القصيدة:
تُحاربُه الأعداءُ وهي عباده ... وتُدَّ خر الأموالُ وهْي غنائمهْ
ويستكبرون الدهرَ والدهرُ دونهُ ... ويستعظمون الموتَ والموت خادمهْ
وإن الذي سمَّى عليَّا لمنصِفُ ... وإن الذي سَمَّاه سيفًا لظالمه
وما كُلّ سيف يقطع حدُّه ... وتقطع لَزْبات الزّمان مكارمُه
حسن موقعه عنده وقربه وأجازه الجوائز السنية، ومالت نفسه إليه، وأحبه، فسلمه إلى الرواض، فعلموه الفروسية
1 / 54