أشْرَبْتَ أرواحَ العِدَا وقلوبها ... خوفًا فأنُفسُها إليكَ تطيرُ
لو حاكمتْك فطالبتكَ بذحْلها ... شهدتَ عليك ثعالبُ ونُسُور
وكذلك فعل أبو الطيب، فإنه لما انتهى الأمر إليه سلك هذه الطريقة التي سلكها من تقدمه، إلا أنه خرج فيها إلى غير المقصد الذي قصدوه، فأغرب وأبدع، وحاز الإحسان بجملته، فصار كأنه المبتدع لهذا المعنى دون غيره. فمما قال فيه:
يَفَدىّ أتمُّ الطير عمرًا سلاحَهُ ... نسوُر الملا أحداثُها والقشاعِمُ
وما ضَرها خَلقْ بغير مَخالب ... وقَدْ خُلِقَتْ أسيافهُ والقوائمُ
وقال في موضع آخر:
وذي لَجَب لا ذو الجناح أمامه ... بناج ولا الوحشُ المثارُ بسالم
تمر عليه الشمسُ وهي ضعيفة ... تطالعُهُ من بين ريش القشاعمِ
1 / 53