عمل م وليمة فاخخرة وأكرمهم غاية الإكرام إلى أن قرب مجيء كسرى فسأل النعمان الأمير حمزة أن تقيموا في الخيام حتى إذا جاء لا يرونه بل يكونون" في معسكرهم فيدعونهم إليه أو يأتي هو بنفسه إذا عرف حق الجميل فاستحسن الأمير حمزة ذلك وخرج مع النعمان إلى خيامهم وأقاموا فيها مسرورين بتقدم العرب واجتماعهم بكسرى بعد قليل. وفي اليوم التالي لمجيئهم تقدمت الأخبار بقدوم كسرى فخرجت الرجال من سكان المدينة والنساء وكل إنسان للاقاة ملكهم ولتهنئته بعودته سالما إلى بلاده بعد أن سار مطرودا عنها قاطعا الرجاء من النجاح فيها ولما التقوا به أظهروا كل فرحهم وأبدوا له من حسن الملتقى ما يستدعيه ذاك المقام وأعادوا عليه كل ما كان من أمر نخارتين أثناء تملكه على البلاد وبعد ان دخل المدينة وجلس على كرسيه في ديوانه وحوله الوزراء والأعيان سال عن الأمير حمزة فقال له بزرجمهر أنه لم يدخل المدينة إلا عدة مرات فقط دون أن يراه أحد من قومك بل كان يأن هذا الديوان وهو خخال من الحكام فيتفرج عليه ومن ثم يعود . قال ولم ذلك قال إنه لم يقبل مفارقة قومه ولا رضي أن يتناول واحدة من أموال خارتين بل أبقاها كلها في الخزائن إلى حين مجيئتك لتراها كما هي وما ذلك إلا من عزة نفس العرب وعفة جانبهم فضحك بختك من كلامه وقال من أين العرب مثل هذه اللغة وهم مشهورون بالسلب والبب والسبى يعيشون من السرقات والشحاذة لا يعرفون غير ذلك : فقال له بزرجمهر إن عملهم لا يحسب من قبيل السرقة إذا غار بعضهم على البعض واإكتسب ماله بقوة السيف على أن حفظ الزمام والمروءة عندهم فلا يضيعون حرمة الجار ولا يتعدون إلا على العدو ويحسنون إكرام الضيوف إلى غير ذلك ولنا شاهد عمل الأمير حمزة وقومه وإني أعرف أكيدا أنه لو أخذ مال خارتين بل مال المديئة بأجمعه لما غاظ ذلك سيدي الملك بل كان يسر منه لعلمه أنه له الفضل الأكبر والمعروف الذي يكافا بأعظم الأشياء وأثمنها .
وفيها هم على مثل ذلك وإذا بالآمير عمر العيار قد دخل الديوان لأنه كان قد عرف قدوم. كسرى فصبر عليه إلى أن استقر به المقام واجتمع في ديوانه فلبس ثوبا أسود قصيرا ضيق الصدر والاكمام واسع الوسط علق به على دائرة من الاجراس شيئا كثيرا ولبس على رأسه قبعة طويلة معلق بها كثيرا من الاجراس أيضا وفي وسطه منطقة من الجلد الأحمر المنقوش بالنقش الرفيع وسار إلى أن جاء الديوان رآه كسرى عرفه حق المعرفة أنه الأمير عمر فنظر إليه وإذا به راه قد قفز إلى سلسلة معلقة في باب الذيوان وقلب من فوقها ثم رمى بنفسه إلى الأرض وسلم على كسرى فرد عليه السلام ومن ثم عاد فقفز إلى نافذة عالية في حائط الإيوان ورجع عائدا إلى الأرض وهو يقلب باهواء ويلعب ألعابا مضحكة' حتى ضحك مه الملك كسرى وجميع الموجودين .
وبعد ذلك قال له الوزير بزرجمهر قد كفى يا عمر فقد سرمنك حضرة الملك أي
صفحه نامشخص