بسم الله الررحمن الرحيم جاء الأول من قصة الأمير حمزة البهلوان 20
كانت دولة الفرس من الدول العظيمة في قديم الأيام ملكت زمنا طويلا واتسع ملكها شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وكانت العرب تطيعها وتؤدي لما الجزية في كل عام يجمعها ملك العرب وهو النعمان بن المنذر بن النعمان أحد ملوك الحيرة ويرسلها إلى الملك الأكبر أي ملك الأعجام والديالمة وكان يقيم في المدائن اسم عاصمة المملكة وقد أطلق على كل ملك ملك على تخت هذه الممالك كسرى أنوشروان صاحب التاج والإيوان وذلك ان تاجه يجمع من كل أنواع الحجارة الكريمة الكبيرة القدر الغالية الثمن حتى ضرب بها المثل بين الناس منذ تلك الأيام إلى ما بعدها وكانت سائر ملوك الأرض تحسده عليه وتتمناه لما والإيوان كان عاليا جدا حتى قبل إن قنطرته مرتفعة ارتفاعا لا ينطوي تحت دائرة العقل أي الغيم يلحق بها ومرات كثيرة ما يمر من تحتها وني نصف هذه القنطرة حلقة من الذهب كبيرة ضخمة جدأ بقيت بعد زمن الأكاسرة زمانا طويلا معلقة بأعلى ٠ تلك القنطرة . وأما مذهب العجم كان في تلك الأيام المجوسية والئار فيعبدونها ويسجدون لحا دون الواحد الجحبار ويعيدون لها ويجتمعون عندها أثناء المواسم وتقديم الحدايا إلى المرازبة الموكلين بخدمتها والقائمين حوها يشعلونها على الدوام بالليل والنبار .
وكان الملك عليها في زمن روايتنا هذه أحد أولئك الأكاسرة وقد اشتهر بالحلم والرقة والدعة وعنده وزيران عاقلان أحدهما اسمه بزرجمهر وهذا كان يعبد الله تعالى وكان من الحكمة والتعقل والآداب على جانب عظيم يندر وجود مثله في زمانه أعطاه الله ما ل يعطه لغيره من أبناء جنسه الإنساني وقد سمى بهذا الاسم عدة وزراء لدولة الفرس . وثانيهما اسمه بختك بن قرقيش من أشراف البلاد وأعيانها محبوبا من الرعايا ورجال المملكة والملك . وكان كرسي الملك يجمع تسعمائة ألف نفس من العجم ما عدا الغرباء الذين كانوا على الدوام يتقاطرون إلى المدينة أفواجا لعرض دعاويهم وأشغالهم للملك الأكبر وقيل إن ألفا من الحجاب يقفون بين يديه مشهرين السيوف من حين وجوده في ديوانه إلى حين خروجه فيسير بين يديه غيرهم وعند وجوده بقصر منامته يحرس بابه ألف أيضا وقيل أيضا إن السرير الذي كان يجلس عليه في إيوانه من الذهب الإبريز الخالص يبلغ ثقله
ش
صفحه نامشخص
عشرين قنطارا وجميع ما حواليه من الكراسى المعدة لرجال دولته ووزرائه هو من الذهب
أيضا وبالاختصار أن الملك كسرى أنوشروان كان أغنى ملوك العالم وكان يحب الرفعة
والزخرفة والعظمة حتى وصل إلى درجة تفوق العقل الإنساني .
ففي أحد الأيام دخل سرير منامه وهو يفكر فيها وصلت إليه دولته وما ناله من
الحكم وطاعة العباد له وبعد أن استغرق في نومه حلم حليا قبيحا استيقظ مرعوبا منه وخائفا
وأقام أكثر من ساعتين قلقا مضطربا إلى أن عادته سنة الكرى ثانية وما لبث أن رأى نفس
الحلم .وشاهد ما شاهده أولا فاستيقظ ثانيا مضطربا اضطرابا عظيا أكثر من الأول:ولم يعد
يأخذه نوم قط وهو يننظر قدوم النهار ليخرج إلى ديوانه ويتخلص من أوهام تلك الليلة
وليعرض على وزيره بزرجمهر تفسير هذا الحلم لعلمه بما هو عليه من سعة المعارف والاطلاع على ظواهر الأمور وخفاياها فضلا عن معرفته بلغات العالم أجمع وعند إتيان الغبار وإشراق شمسه لامعة على الناس لبس ثيابه وخرج بموكبه حسب عادته غير أن الناس كانت تتعجب من نخروجه ني مثل هذا الوقت ولا أحد يعلم السبب وبقي سائرا إلى أن دخل الإيوان وجلس على سريره في صدره وبعث إلى حاشيته وبطانته من أهل المناصب ولمراتب في ديوانه وجاء واحذا بعد واحد وعنئد وصول كل واحد منهم يسجد للملك ويرجع إلى كرسيه وما منهم من يجسر أن يسأل الملك عن حاله بل كانوا ينتظروت مجيء وزيره إلى أن وصل بختك بن قرقيش وبعد أن استقر إلى جانبه قال له أحيت النار سيدنا الملك وحخدمته السعادة ورافقه الإقبال أفدنا عن حالك وآخير بأمرك وما السبب لغيظك واضطرابك وكدرك الذي نراه يعلو وجهك مع أن البلاد بأمان واطمئئنان وما من أحد لا من العمال ولا من المجاورين شخرج علينا وصحتك جيدة قال اعلم أني رأيت حلا كدرني وأقلقني وبقيت منه حتى هذه الساعة: مضطربا لا أرى راحة من نفسي وعلى هذا ثبت عندي أن لا بد لذلك من سبب عظيم وأني أحب أن أستفسر من وزيري بز رجمهر عن هذا الحلم وتعبيره قال بسختك إن شاء سيدي الملك أخبرني بهذا الحلم وأطلعني عليه قال رأيت نفسي جالسا في إيواني هذا على سريري الخاص منفردا عن حاشيتي أشعر بجوع عظيم وتضور جسيم وإذ قدم إلى مائدة من الذهب عليها صحن من العاج منقوش بالنقوش الفارسية وداخل الصحن المذكور وزة كبيرة مقلوة بالسمن تنبعث منها رائحة شهية تاقت إليها نفسي كل التوق وحركني جوعي إلى أن أتناول من تلك الوزة وأسد رمقي وإذا بكلب هائل المنظر قصير القوائم كبير الرأس مدلى الوبر إلى حد الأرض هجم عل ونبح في وكشر بأنيابه فجفلت منه ورجعت إلى الوراء وبعد ذلك تقدم من الوزة فأخذها في فمه وأراد المخروج من إيواني وأنا أتحرق وأتألم وأتململ والجوع يأخذ بن ويزيدن ضعفا ولا أقدر على استخلاص طعامي من فم الكلب ومن ثم رأيت أسدا عظيا قد دخل
1 ٠
صفحه نامشخص
من الباب قبل أن يخرج الكلب منه وحالما وصل إليه ضربه بيده ألقاه ميتا وتناول الوزة من فمه وأعادها إلي دون أن يلحق بها ما أكره فاستيقظت بعد ذلك من نومى مرعوبا لا أعرف ما القصد من هذا المنام ولا بد من سبب له قال بختك لا يرهب سيدي من هذا المنام ولا يخاف فيا هو إلا من قبيل الأوهام وقد يحدث كثيرا للأنام ومن المعلوم أن المرء يرى على الدوام مثل هذه الأحلام التي تحدث من قبيل .الطعام أو من أسباب أخرى لكنها لا تكون ذات نتيجة ولا تدل على أمر قط يوجب اضطراب سيدي الملك وتكديره. قال* كيف لا وقد رأيت الحلم مرتين بنفس المعنى والحالة ولولم يكن له دليل قبيح لا تكرر ولا كنت أرى في داخلي كدرا عظي) لا يبرك وأحب أن أطرده فلا أقدر كانت نفسي تحدثني بوقوع أمر يكون علينا في المستقبل وبالا وإني أعرف جيدا أن هذا الحلم لا يفكه ويعبره إلا بزرجمهر فهو خبير بعلوم العالم وتفاسير أغماضها . وأما أنت فلا معرفة لك بمثل هذا الأمر .
وبينا الملك والوزير بختك يتخابران بذلك ورجال المملكة يسمعون ما كان من أمر الملك وإذا ببزرجمهر الوزير قد أقبل ودخل الديوان فوقف له الجميع اعتبارا واحتراما وتلقاه كسرى بالترحاب وكأن هما سقط عن قلبه بإتيانه وحال جلوس الوزير قال له املك أنت تعلم أبها الوزير العاقل الحكيم أن اصطفيتك لي على سواك واتخذتك مدبرا لجميع ' أحوالي وفوضت إليك الرأي الأول وأطلقت لك الحرية في أمر العباد وما ذلك إلا لمعرفتي باخلاصك واعتقادي بأنك صادق القول لا تخفي عني شيئا ولا ترضى إلا ما به صالحي وصالح بلادي ومملكتي . فقال له ما أنا إلا عبد مجبول بنعمتك مغروس بالتفاتكم وإكرامكم بما تريدونه وتأمرون به قال رأيت في الليلة الماضية حليا هائلا راعني جدا وألقاني باضطراب عظيم ولا أرتاح من هذه الحالة التي أنا واقع بها إلا إن أظهرت لي تفسير هذا الحلم وأخبرتني بنتاجه وما يكون منه . ثم إن كسرى أنوشروان قص على وزيره المنام الذي تقدم ذكره وقال له فسر تفسيرا واضحا ولا تخف علي شيئا قط وإن أشهد على الجميع صاغيا لك راضيا عنك مهم| كان التفسير قبيحأ والعاقبة رديئة حيث نكون على بصيرة ونقدر أن نعرف الطريق التى تقينا إذا كان ضيق أو كدر أو قحط أو حروب أو ما شاء كل ذلك .
ولا سمع الوزير من الملك حلمه أمعن به وأطرق إلى الأرض برهة وهو يسأل الله توضيح الحقيقة وإظهار الخفايا وبعد أن بان له كل ما يدل عليه ذلك الحلم وعرف بمساعدة الله سبحانه وتعالى ما يكون على البلاد رفع رأسه فقال أعلم يا مولاي أن الله سبحانه وتعالى وهو الإله الذي أعبده يدير الكون بمعرفته ويدرب العباد بعنايته لا تأخذه سنة الكرى ولا يغفل قط عن أمر وقد سبق أن كلم أنبيائه وغيرهم في أيام بني إسرائيل
.
صفحه نامشخص
وملوك الفرس والاديين الذين تسلطوا عليهم بأحلام وأظهر لهم ما يريد وما يقصد قبل بزمان كي يعلم الإنسان عظم قدرته ومقدرته وما وصلت إليه ألوهيته ولذلك قصد في هذه المرة أن يظهر لكم ما سيكون على دولتكم وما يأتي عليها قبل بسنين وأعوام . فا مائدة التي رأيتها وقد قدمت إليك من الذهب الوهاج هي مدينتك وعاصمة ملكك هذه التي نقيم بها نحن والصحن والوزة التى عليه هما خزينتك وسريرك الجالس عليه الآن والكلب الذي اختطف الوزة هو فارس يظهر في حصن خيبر يطرق بلادك بالعساكر والأجناد والأسد الذي نظرته هو فارس يظهر في بلاد الحجاز عظيم القدر والشأن. ومعنى هذا الحلم أن الفارس الخيبري يقصد بلادك بعساكر وأجناده فيدوخها ويتملكها ويحاصر هذه المدينة وبعد حروب بيننا وبينه يملك الكرسي ويطردك من بلادك ويملك عليها وبعد ذلك يأتي الفارس الذي أخبرتك عنه من برية الحجاز فيستخلص لك ملكك ويرجعك إلى سريرك ويقتل عدوك وهذا الذي رأيته وتبينته . وكان الوزير بزرجمهر قدر أي علاوة على ما تقدم فلم يقبل أن يخبر به املك كسرى حرصا على آرائه تعالى لأنه رأى أن الفرس قد أصبحت على شيخونخية ال حياة وأن الفارس الذي يظهر من الحجاز يرفع نير الفرس عن العرب وهدم معابد النيران ويقع بينه وبين الدولة الكسروية حروب قوية تفضي بها إلى الخراب والدمار وينشر دين الله وعبادته بين عبدة الأوثان وناكري الحق سبحانه وتعالى ولا سمع الملك كسرى من وزيره هذا الكلام وقع في ذهنه موقع التصديق وعرف من نفسه أن ذلك يمكن وقوعه لا بل يتأكد وقوعه ولذلك قال له هل يمكنك أن تغرف أبها الوزير العاقل إن كان الفارس العربي الذي أشرت إليه قد ظهر ووجد في الحجاز أو لم يظهر إلى عالم الوجود , قال إن ذلك لا أعرفه يا سيدي ولم يظهر لي هذا وما عرفته أخبرتك به قال ألا تعرف في أي مكان من الحجاز يظهر هذا الرجل الذي بان لك أنه يخلص بلادي من الأعداء . قال نعم إنه يظهر في مكة وهي البلد الذي تأتي إليه العرب في كل عام قياما بواجبات الزيارة . : فأمر كسرى في الخال أن تحضر اطذايا الثمينة من جواهر وذهب وأمتعة فارسية من كل ما غلا ثمنا وخف حملا وعرضه على وزيره بزرجنهر وقال له أريد منك أن تذهب إلى مكة منذ اليوم وتنظر لي مقر هذا الفارس ومن من يولد وإذا كان ولد فأين وجوده فادفع هذه الحدايا إلى أبيه ودعه أن يربى الغلام على نفقتي ويعتني به ويخصه بدولة الفرس ويجعل له كل الأسباب النافعة لحياته تحت طاعته حتى إذا وصلنا إلى الزمان الذي أشرت إليه يكون في طاعتنا وتحت أمرنا فترسل إليه ونستدعيه حالا . فأجاب الوزير أمر سيده وركب في نفس ذلك اليوم وأخذ معه المدايا والتحف وسار قاصدا بلاد العرب ومعه جماعة من قوم الفرس يسيرون بخدمته وهو مسرور جدا بمسيره إلى مكة أولا لزيارة بيت الله الخرام ٠ :
صفحه نامشخص
وثانيا ليرى ويشاهد الذي دلت عليه الدلائل بأنه سيكون سعيدا جدا ويملك البلاد ويخلص العرب من ظلم الفرس ويدل الدولة الكسروية ويهدم معابد النيران ويصبح له شأن وأي شأن .. وبقي الوزير سائرا حتى وصل إلى الخيرة فخرج للاقاته الملك النعمان وترحب به مدة أيام وسأله عن سبب إتيانه فأخبره أنه يقصد مكة المكرمة وبعد أن قام ثلاثة' أيام في ضيافة النعمان سار إلى مكة مع من معه حتى وصلها وإذا ذاك بعث رسولا يخبر حاكمها وكان اسمه إبراهيم يخاف ويتقي جانبه عائش على التقوى والعبادة فلما سمع بقدوم بزرجمهر وزير الملك الأكبر خرج بجماعته إلى خارج المديئة ولاقاه بالترحيب والإكرام وهو لا يعرف الغاية التي جاء لأجلها وزاد له بالتعظيم والإكرام لعلمه أنهمن رجال الله وعباده الاتقياء مشهور بالذكاء والآداب والمعارف وأنه أيضا وزير الملك كسرى ملك العرب والعجم والترك والديلم ورجع إلى المدينة محمولا على التأهل والاكرام ولا استقر به المقام وارتاح من اتعاب السفر وانتهت مدة الضيافة المعروفة عند العرب اجتمع الوزير بالأمير إبراهيم وقال له هل ان امرأتك حامل قال نعم نعم . وهي في الشهر الأخير . قال إني بإهامه تعالى أتيت لأخبرك أنها تأتي بولد ذكر كأنه القمر يرتفع مقامه ويعلو شأنه ويخرج أشجع من كل من حمل القنا ونقل الحسام وركب الجحواد . ثم إنه حكى له ما كان من كسرى أنوشروان صاحب التاج والايوان ففرح الأمير إبراهيم بهذه البشارة وسر منها جدا لا سيا عندما علم أن ولده هذا سيكون سبب خلاص العرب من العجم وسبب تدمير معابد النيران وقلع آثار الكفار .
وبقي الوزير بزرجمهر في المدينة المنورة نحوا من خمسة عشر يوما وفي اليوم السادس عشر بينا كان مقيما في ديوان الأمير إبراهيم بين عربه وقومه جاء المبشرون يبشرون الأمير بولادة زوجته وأن الذي ولدته ذكر فكاد يطير من الفرح حيث أن هذا الولد هو البكر وحيث أن سمع عنه قبل وجوده في عام الوجود من الوزير بزرجمهر وكذلك الوزير فرح وعرف أن هذا الغلام هو الذي دلت عليه الدلائل ورأاه كسرى في حلمه ولذلك شملع على المبشرين الخلع السنية ومثله الأمير إبراهيم فإنه غمرهم بالعطاء وأطلق العبيد منهم وجعل زاده في ذلك اليوم شكر الله سبحانه وتعالى طول ذلك النهار وفي اليوم الثاني اجتمع في ديوانه وأقام الأفراح أهل قبيلته يبنثونه بالمولود وانتظروا الإتيان به إلى الديوان بحسب العادة المألوفة عندهم وهي أن يؤتى بالغلام إلى أبيه ويعرض عليه بين رجال قبيلته وقومه ليراه الجميع ولم يكن إلا القليل حتى جيء بالغلام محمولا على أيدي العبيد وقدم إلى أبيه أولا فأخذه ونظر في وجهه وقد تعجب من كبر جسمه وحسن طلعته ويباء جبهته لأنه كان بديع الصورة جدا لا يوجد أجمل منه في رجال زمانة وبعد أن قبله قدمه للوزير بزرجمهر ١ فأخذه وأمعن النظر في وجهه وجعل يسبح- الله سبحانه وتعالى على ما يخلق وما يفعل وتأكد
٠ (
صفحه نامشخص
كل التاكيد سعادة ذاك الغلام وحسن استقباله وثبت عنده أنه هو الأسد الذي رآه سيده في حلمه ثم التفت إلى الأمير إبراهيم وقال له أوصيك أيها الامير الكريم على مسمع من جميع رجال قومك بالاعتناء بهذا الغلام وبتربيته تربية جيدة وتبذيبه وتعليمه كل العلوم لأنه هو نفسه صا حب السيف والقلم والبند والعلم والذكر الحميد الذي يشتهر بين العرب والعجم واني ما أنيت هذه البلاد إلا لأجل رؤ يته والبحث عنه ليكون على اسم الدولة الكسروية فكل ما أتيت به من قبل الملك الأكبر هو على اسمه ولأجل نفقته فقال الأمير إن هذا ولدي وملزوم بالإعتناء به ولا سيا أنك أخبرتني بمستقبل حياته يما أعطيت من الحكمة والعلم والتقوى فسمه بالإسم الذي تريده قال ان أسمه حمرة .
وكان يعرف بزرجمهر أن ذاك اليوم يوم سعيد وان كل مولود يولد به يكون سعيدا فأمر أن يؤتى بكل ذكر ولد في نفس ذاك اليوم في تلك المدينة إلى الديوان وبالقضاء والقدر والتدبيرات الإلهية كان ولد في اليوم نفسه ثمانمائة غلام ذكر فأق با لجميع إلى بين يدي الوزير فجعل يسمي كل واحد باسمه ويدفع لأبية الأموال ليربيه على نفقة الملك كسرى ويكتب اسمه عنده ويوصي به حتى فرغ من الجميع وبالصدفة والعناية كان أحد عبيد الأمير إبراهيم متزوجا بجارية سوداء وكانت حامل وهي في الشهر السابع أي لم يتم حملها بعد فلا رأى أن الوزير يدفع الأموال إلى أباء الأولاد لأجل أن يربوهم على نفقة الملك كسرى ويكتبوا من رجاله من ذلك اليوم لعب به الطمع وأخذه الحسد فركض إلى زوجته وقال لها إن الوزير يدفع الأموال إلى آباء الأولاد الذين يلدون اليوم فلدي الآن عساك تأتي بذكر فيكون لنا الخير العظيم فقالت له ليس الآن وقت ولادتي وكيف يمكن أن ألد اليوم والله لم يسمح بعد فحنق منها وأخذ دقر الباب وضربها به على ظهرها وهي تصيح وهو يضربها ويعذبها حتى سقط الولد وإذا هو ذكر أسود فأسرع في الحال وقطع سرته ولفه بخرقة عتيقة والدم يغطي كل جسده وأسرع إلى الوزير بزريجمهر وكان أحد جيرانه قد 'سبقه وأخبر الأمير إبراهيم بما وقع بينه وبين زوجته وكيف أنه .تركها مغمى عليها ملوثة بالدماء معذبة بالأوجاع فلها وصل أمر الأمير إبراهيم أن يؤخذ الغلام منه ويضرب الضرب الوجيع وقال له ألا تخاف الله وتتقي جانبه كيفك تفعل هذه الأفعال فأمر الوزير أن يقدم اليه الولد فقدم ونظر في وجهه متمعنا وفي الحال أمر أن يطلق العبد وقال للأمير إن ذلك من الله سبحانه وتعالى ليكتب هذا الغلام من رفاق ابنك حمزة ويكون له ساعدا قويا عند ضيقاته ويخلصه على الدوام عند وقوعه في الشدائد والمصاعب فيخذه وربه مع ابنك واعتن به كل الاعتناء فهو عصا ابنك يتوكأ عليها في حياته ويحتاجه في كل أوقاته وكان وجه هذا الغلام صغيرا مستديرا وأعينه صغيرة جد مستديرة كأنها الثقوب ويديه ورجليه صغيرة دقيقة جدا أشبه بالخيطان لأنه لم يكن كامل البنية فأجاب الأمير طلب الوزير ودفع 4م
صفحه نامشخص
الغلام إلى المراضع ليكون على الدوام مع ولده وقد منماه عمر وهو عمر العيار ويكون' عيار الأمير حمزة كما يأتي معناه إن شاء الله .
وبعد أن انتهى الوزير من كل عمله ولم ير بعد من وجوب لإقامته في مكة المطهرة ركب بقومه وودع الأمير إبراهيم ورجال قبيلته وخرج من هناك قاصدا بلاده أي المدائن وبقي سائرا مدة أيام وقد مر على الحيرة ونزل ضيفا على النعمان عدة أيام وقد أخبره بما كان له في مكة وعند وصوله إلى بلاد الأعجام دخل على الملك كسرى وبشره بكل خير وسعادة وثوفيق وحكى له عن النجاح الذي صادفه وقال إن وصولي إلى مكة قبل ولادة هذا المولود الذي نحن نقصد أن نتوصل إليه فأقمثت إلى أن ولد ورأيته ورأيت ما أعطى من الله من الحسن البديع وما كتب على جبينه من الاقبال والسعادة وبعد أن -رأيته قيدت 2 ' اسمه من رجالك وتبعة دولتك وسميته حمزة العرب وأردت أن أكتب كل ذكر يولد في ذاك اليوم من رجالنا وإذا أنا بثمائمائة غلام ولدوا في نفس ذاك اليوم وهذا من عجائب الدهر ' أن يولد في مدينة صغيرة في يوم واحد ثمانماثة ذكر دون أن تولد أنثى واحدة فعرفت أن' 'توفيق حمزة سبب ذلك ليكون أولئك المولودين من رجاله وأخصائه يركبون بين يديه ويسعدون بسعله . قال ففرح كسرى بما سمعه من وزيره وأنعم عليه مزيد الأنعام وشكره الشكر الجزيل على اهتمامه بأمر دولته ودفع المصائب عنها قبل بسنين وأعوام وأقام بعد ذلك مرتاح البال تتقلب عليه الليالي والأيام وشغل عما تقدم بما اعتاد عليه من البذخ واللهو وغير ذلك . [
وأما ما كان من الأمير إبراهيم أمير مكة فإنه أقام على الاعتناء بولده وهو مسرور على الدوام بما سمعه من الوزير من أن ابنه يكون السبب في خلاص العرب من الأعجام ويعزز الدولة العربية ويبيد الدولة الكسروية وكان يعتني أيضا بتربية عمرأ بن العبد لعلمه أنه سيكون ببخدمه ولده وثافعا له كما أشار بزرجمهر إلى أن مضى على حمزة أربعة أعوام
وكان الذي يراه يظنه .أنه ابن عشرة أعوام لامتلاء جسمه وطول قامته ومو اهيبة والوقار اللذين كانا يطفحان على الدوام فوق جبينه وعند تجاوزه سن الأربع سنوات دفعه إلى معلمين ومهذبين يتعلم العلوم ويترى التربية الجدة الحسنة على التقوى أولا وعبادة الله وثانيا على التهذيب وتعليم العلوم النافعة وأخذ في أن يندرج في العمر ويعي على نفسه يوما بعد يوم وكلما تقدم بالعمر تقدم بالمعرفة والإدراك وعمر بن العبد كان لا يفارقه مطلقا وهو يدعوه بأخيه. وقد أحبا بعضه| حبا عظيأ ولم يقدر أحدهما على مفارقة الآخر بل يبذل جهده لأجل. مراضاته وراحته وكان عمر سريع الجري لدقة ساقيه وهزال جسمه وكان قوي العصب تولع. من حين صعره بالركض والقفز من المحلات العالية حتى اعتاد عليها وصار آفة من آفات الزمان وما وصل سنه إلى العشرة أعوام جتى صار يحسب من أبرع 8
صفحه نامشخص
العيارين وأشدهم وقد تعلم رمي النبال حتى أصبحت نبلته لا تخطىء مطلقا وكان يسطو على البساتين ويتعدى على الأولاد في الشوارع والأزقة والناس تشكوه إلى حمزة لكونه يبقى معه على الدوام وهو لا يلتفت إلى شكاويهم لصغر سنه وهم لا يخبرون بذلك الأمير إبراهيم خوفا منه إلى أن كان ذات يوم فأق بالقرب من بستان نظر داخله شجرة رمان كبيرة الشمر فأعجبته وقال لا بد أن أنحذ لأخي حمزة منها وأقدم له من هذا الثمر لأنه لذيذ وحالما تصور في ذهنه هذا التصور ضرب رجليه بالأرض فارتفع إلى أعلى الحائط ووضع يديه عليه وقلب فجأة في الداخل كأنه العفريت غير ملتفت إلى صاحب البستان وركض الى شعجرة الرمان فتسلقها وجعل يقطف من ثمرها ويضع في عبه وبينا هو على مثل ذلك وإذا بصاحب البستان قد وقف تحت الشجرة ورأه فوقها فصاح به وقال له ويلك يا عبد السوء إن في كل يوم أجيء لبستاني فآرى الأشجار مكسرة والأثمار منهوبة ولا أعرف من الذي يفعل ذلك حتى رأيتك الآن ولا بد من ضربك والانتقام منك على ضرري . فقال له إني ما أتيت بستانك إلا هذه المرة فقط . فقال له أتيت كثيرا فأنزل من الشجرة وإلا صعدت إليك ورميتك من أعلاها فقفز بأسرع من البرق من أعلى الشجرة إلى الأرض والرمان يملأ عبه وقبل أن يتمكن الرجل من الدنو منه أخذ قبضة رمل من الأرض وأحكمها إلى وجهه فوقعت في عينه حتى كادت تعميه وفر هاربا من أمامه ونجا بنفسه .
وبقي الرجل يتوقع ويتململ من فعل عمر وهو يتمنى أن يكون قد قبض عليه ليقتله وصرف أكثر من ساعة ينفض الرمل من عينيه ويغسلههما ولا صار يقدر على النظر إلى الطريق سار إلى ديوان الأمير إبراهيم ودخل عليه وهو على تلك الخالة وشكى الغلام عمر وما فعل معه وانه لم يكفه تكسير اشيجاره وسرقة أثماره حتى رمى الرمل بعيئيه فكاد يذهب ببصره فاغتاظ الأمير عندسماعههذا الخبر وتكدر مزيد الكدر وأمر ان يؤى بعمر في الخال فسار نخلفه أحد العبيد وكان عمر قد وصل إلى أيه حمزة ودفع اليه الرمان فقال له من أين هذا فحكى له قصته مع الرجل ولم يخف شيئا فلم يسع حمزة إلا الضحك وأخيرا لامه على ذلك وقال له ان مال الناس محفوظ . وليس من حقنا التعدي عليه وقد أوصيك مرارا بأن لا تتعدى على أحد فقال له إني أريد أن أطيعك لكني رأيت هذا الثمر الشهي فتاقت نفسي اطعمك منه وإذا لم أحضر لك منه لا يرتاح بالي ولا يطيعني قلبي وفي تلك الساعة وصل اليه رسول ابيه وقال له أن أباك أرسلني لأخذ عمر فعرف حمزة سبب ذلك وانه كان بطلب من الرجل صاحب البستان ولذلك بض هو معه وسار وعمر بين يديه أيضا الى أن دخل على أبيه وقبل يديه ثم تقدم عمر وأراد أن يقبل يديه أيضا فمنعه وقال له كيف تتعدى على أموال الناس وتقرب مني ثم أمر العبيد أن هجموا عليه ويلقوه إلى الأرض ويضربوه خمسين سوطا فاحتاط به العبيد وحاولوا التمكن منه فلم يقدروا وهو ١6
صفحه نامشخص
يدافع عن نفسه وقد صاح مستجيرا بأخيه حمزة . ففي الحال لعبت به النخوة وأخخذته المروءة ولم يفكر بأبيه فانقض على العبيد وأخذ واحدا بين يديه ورفعه إلى فوق رأسه وضرب به الباقين فوقع على اثنين أماته| ومات هو أيضا . فلما رأى ذلك الأمير ابراهيم
لعب به الغضب من فعل ابنه وتكدر مزيد الكدر وصاح به اتخرق حرمتي ولا تراعي جانبي فوعى حمزة على فعله وسكت ولم يجب بكلمة فأراد أباه أن يؤدبه فقام إليه السادات ومنعوه وسألوه فيه وهم يعجبون من عمله مع صغر سنه وتقدم حمزة من أبيه وسأله السماح وقال له إن الحدة قد فعلت بي ذلك وأنا أعلم أن عمر مظلوم بضربه لأنه لم يقصد سرقة' الرمان إلا لأجلي وحكى له السبب الذي حمله على النزول إلى البستان وأنه كان في وسع الرجل بعد أن عرفه أن يسكت عنه لعلمه بأنه أخي ويأتي الي فأمنعه ثانية إلى البستان ولا سي| أنه قاصر وما على القاصر من حرج وني الخال أصلح السادات أمر الرجل وارجعوه من الديوان واستعطفوا بخاطر الأمبر على ولده وعمر فسمح عنه| وأرجعهم| إلى مكان إقامتها وأمر أن يدفن العبيد الثلاثة الذين ماتوا من حمزة فدفنوا .
وبعد ذلك بيوم أي في اليوم الثاني اتفق سادات المديئة وجاءوا إلى الأمير إبراهيم وسلموا عليه وجلسوا بين يديه وبعد ان استقر مهم الجلوس قالوا له أعلم أها الأمير إننا نتذكر كلام الوزير بزرجمهر وما أشار إليه من أمر ابنك الأمير حمزة وقد ثبت عندنا ذلك بما رأيناه منه في الأمس فهو وإن كان لا يبلغ سن العشر سنوات فقد فعل فعل لا تفعله الجبابرة ولذلك ترانا الآن باتفاق وقد. جئنا إليك لنعرض عليك ذلك ونسألك أن تعلم ابنك فنون القتال وتعوده على ركوب الخيل لكي يتم ما سبق بارادته تعالى وقيل عنه وهو أنه يخلص العرب من العجم ويرفع عنهم ذلك النير الذي تحملوه زمانا طويلا فقال لهم لقد أصبتم بذلك وإني كنت أفكر فيه على الدوام وأحب أن أبقيه إلى أن يبلغ سن الخامسة ' عشرةمن العمر' إلا ان ما فعله بالأمس كاف ليظهر لي قوته ووجوب تعليمه ثم أمر أن ' ينصب ميدان في خارج البلد من سادات القبيلة وفرساتها ويجيء إليه كل من أراد فخرج الكبير والصغير وذهب الجميع إلى هناك أي إلى الساحة التي عينها الأمير وبعد ذلك حضر حمرة ومعه عمر العيار ولا صار أمام أبيه قبل يديه وسأله ماذا تريد؟قال له أعلم يا ولدي أن أعداءنا كثيرون ومن صفات العرب أن يتعلموا فنون القتال إذا ما مهنة لهم غير هله ولاسيما رؤ ساء القبائل وساداتها لآنهم يلتزمون بالدفاع عن القبيلة لدى الغارة ومن كان 0٠ أشذ بأسا كان له على الدوام الفوز والنجاح ولذلك قد عينت هذا المكان يقام فيه كل يوم سوق طراد ولعب وفي قصدي أن تتعلم فنون الحرب ونتخرج بها عسى أن الله يرزقنا على يديك فرجا ننتظره . فأظهر حمزة فرحة من أبيه وقال له هذا الذي أريده وطالما كانت
نفسى تتوق إليه .
1١١
صفحه نامشخص
ثم أمير الأمير إبراهيم أن يقدم إلى ولده جواد من خيوله فقدم له وركب عليه وأطلق له العنان فكان على ظهره كقطعة من حديد وأخذت الفرسان تحتاط به من كل مكان وتركض أمامه بخيوها فيتأئرها ثم ينطلق امامها فتتأثره وهو كأنه الأسد الكاسر وصرفوا ذاك الغبار على تلك الحالة واليوم الثاني إلى مدة شهر حتى تعلم كامل فنون اللعب على الخيل حتى كان ينزل إلى الأرض بأسرع من البرق ويعود إلى ظهر الجواد وهو غائر لا يقف قط ويختفي تحت بطنه وعنقه ويستتر به من كل جهاته وهو راكض ففاق بذلك على كل من يركب جواد ومن ثم انعكف يتعلم فنون السلاح والقتال بها وما مضت مدة إلا وأتقن كل ذلك وأصبح في أعلى درجة وبسالة لم يعد يصعب عليه باب من أبواب القتال وتعلم الجميع وأخيرا أمر الأمير إبراهيم ذات يوم أن ينصب ميدان يتألف من سائر فرسانه لامتحان ولده فاجتمع لق كثير في ذاك الميدان من شبان وغلمان وشيوخ ونساء وبعضهم للفرحة وحينئذ أقبل الأمير حمزة وهو فوق جواده كأنه البرج الخحصين ضارب على وجهه لثاما لا يظهر من تحته إلا عيناه وهي تقدح كأنها الجمر وعلى رأسه نخوذة من العديد ومدجج بالسلاح من رأسه إلى وسطه ينقل ريحا من الزان مستن الأسئان وسيفا عريضا يضرب عل جنبه . وبين يديه عمر كأنه النار ذات الشرر يسبق ممسيره الخيول ولما وصل إلى ذاك الميدان تقدم من أبيه فقبل يديه وقال له إني أسألك أمرا يا أبي ولا أريد أن تمنعني عنه قال ماذا تريد قال أريد منك أن تأمر فرسانك وأبطالك بأجمعها لتكون في جهة واحدة وأكون أنا وحدي في الجهة الثانية فمن أصابته جريدي خرج من الميدان ومن أصابتني جريدته كان له على حق التقدم وبعد أن يفرغ الجميع نعود إلى الضرب بالرماح فمن علمت عليه أو وصل رمحي إليه انعزل من الميدان فاستعظم الأمير إبراهيم هذا الطلب وقال له إن ذلك يغيظ قومنا وإنك لا تقدر على ما تقول ويصعب على كل أمير وفارس أن يقاتل وحده مئات مع أنك لم تقاتل قبل الآن ولاحنكتك الوقائع والأهوال . فقال إن قومنا إذا رأوا ما رأوا مني يسرون وسوف تنظر بعينك ما أفعل أمامك فأجابه أبوه إلى سؤاله وأمر أن ينفرد ابنه إلى جهة واحدة وجميع الفرسان إلى ثانية وهكذا كان ومامضت إلا دقائق قليلة حى قام سوق اللعب ودار حذف الحريد وجعل الأمير حمزة يضرب بجريدته فيصيب بها الرجال وكلا رمى بجريدته وأصابت رجلا ينخطف عمر فيلتقطها قبل أن تصل إلى الآأرض ويعيدها إليه بأسرع من لمح البصر والفرسان تنحدر إليه من كل مكان وترميه بعصيها فيضيعها بمعرفته فتدخطاه ولا تصيبه وبقي على مثل ذلك وهو يصيب الرجال وعمر يقفز كالغزال ويدخل من تحت بطون الخيول ويسرع الجحري من جهة إلى جهة لا يدع جريدة أخيه تلحق الأرض إلى أن صار نصف النهار وإذا به قد أصاب جميع الفرسان واعتزل الجميع من الميدان وقد أخذتهم الدهشة والإتبهات وكبر بأعينهم جدا وذهبت بهم 1
صفحه نامشخص
ذواهب العجب وحينئذ ألقى جريدته من يده وتناول رمحه فأقلع منه السئان وطلب براز ٠ الفرسان أن يبرز إليه الجميع بوقت واحد .
وكان أبوه قد اندهش مما شاهد منه ورعب قلبه فرحا ولذلك أمر أن تنزل إليه الفرسان وتجيب طلبه فيا يريد فصاحوا وهجموا عليه من كل مكان فالتقاهم بثبات عزم وقوة وجنان وجعل يطعهم برمحه فيصيبهم ويعزلهم من الميدان وما أسحد منهم قدر أن يتمكن منه بضربة أو يصل إليه بطعنة لأنه كان ينحذف إلى الأرض ويقفز إلى ظهر الجواد بأسرع من البرق ويضيع طعن الرماح في المواء وعمر يدور حواليه كاللولب ويسبق الجواد على الدوام أو يجعل خيول الفرسان وما انقضى النهار حتى كان فرغ من الجميع وإذ ذاك نزل عن جواده وتقدم من أبيه وقبل يديه فأخذه إلى صدره وقبله وهو يذرف دموع الفرح ويشكر الله على ما كان من ولده وتوسم فيه الخير وصح عنده ما كان قال له الوزير بزرجمهر ورجع من الميدان مسرورا فرحانا ينتظر الزمان المناسب لاشهار ولده وانفاذ مقاصده وما بعثه .الله لأجله وكذلك كل فرسان القبيلة من الكبير إلى الصغير فانهم أحبوا الأمير حمزة وتقنوا أن يكونوا على الدوام بين يديه وقالوا لبعضهم إن كان وهو ابن اثنتا عشرة سنة يفعل هذه الفعال فكم بالحري إذا. بلغ مبالغ الرجال وكان الثماماثة غلام الذين ولدوا يوم ولادته تعلموا الحرب والطعن والضرب بحسب ما كان أوصى الوزير آباءهم فحضر والميدان مع من حضر في ذاك اليوم وما منهم إلا من أنحب أن يخدم الأمير حمزة ويتقرب منه ويحوز على رضاه .
ومن ذلك الحين أنخذ الأمير حمزة يخرج للصيد والقنص مع عمر العيار ويتوسع في البراري والادغال وقد أخذه بذلك ولع عظيم حتى صار في كل يوم يخرج لا يتأخر يوما واحدا وهو يأتي على الدوام بالوحوش والغزلان وكل| وقع في طريقه قتله وجاء به أو أمسكه للفرجة وعرضه على أبيه فاتفق ذات يوم أنه خرج وبين يديه أخوه عمر منطلق كالشهاب وأوسع في القفاز وبعد عن الديار لأن الوحوش كانت قد جفلت منه وبعدت والتجأت إلى الكهوف والمغائر وفيما هو عك ذلك رأى أسدا رابضا في تلك الناحية وأعينه تقدح شرار النار ولا رآه عمر قال لأخيه أرجع بنا ولا تعرض نفسك للخطر بالتقدم إلى الأمام وإلا هجم علينا الأسد وافترسنا فصاح فيه وقال له ويلك يا وجه القرد أتخاف من هر البرية وتريد أيضا أن تخيفنى منه فا الأسد لدي إلا كالأرانب التي أصطادها في كل يوم . ثم إنه نزل عن جواده وأخذ سيفه بيده وتقدم إلى جهة الأسد يطلب قتاله فلما رآه الأسد وقد جاء إليه مشهرا السيف لعب به الحنق فوثب واقفا وقد هر هريرأ قويأ وكشر بأنيابه ولاح بذنبه ونفخ بأنفه وانقض على الأمير حمزة وفي نيته أن يفترسه ويجعله قوته في ذاك اليوم فلم يمكنه من ذلك ولا ترك له مجالا لنوال غايته أو للتوصل منه بل أسرع إليه ١
صفحه نامشخص
بضربة حسام وقعت على أم رأسه شقته إلى كتفه فوقع إلى الأرض قتيلا يختبط بدمه وبعد ذلك دنا منه وكان يسمع أن من يأكل قلب السبع يقسو قلبه فيصير كقلبه ولذلك شقه إلى بطنه وبرك يأكل من قلبه وعمر ينظر ويتعجب وتقدم فأطعمه من لحم .الأسد وقال له كل منه يشتد قلبك ويقسو فقال له والله العظيم إن عملك هذا يستحق الفخر لأنه يندر من بقتل أسدا أو يجسر أن يقف أمام الأسد من بني الإنسان. ثم تقدم بعد ذلك وأخذ يأكل من جسمه ومن قلبه مع حمزة حتى امتلأ بطناهما وشبعا ومن ثم رجعا إلى جهة المدينة وفيها هما على الطريق قال حمزة لعمر إذا وصلت المديئة لا تخبر قومنا بقتل الأسد لكلا يضحكوا علينا ويظنوا بأني أباهى بقتل كلاب البر وذلك عار عند العرب فوعده عمر بأن لا يخبر أحدا بذلك . ولا وصلوا إلى المدينة جعل عمر يخبر من رآه أن أخاه قتل أسدا في المكان الفلاني والناس تتعجب منه ومن عمله ولم يبن على حمزة ذلك فلام عمر عليه فقال له أن مثل هذا الآمر لا يمكن أخفاؤه . ووصل الخبر إلى الأمير إبراهيم فاستدعى ولده وعمر وسأطما عن قتل الأسد فحكى له عمر كل ما وقع لما في البرية فتعجب من ذلك ولام حمزة وقال له لاعدت تخرج إلى البرية خوفا من أن تلتقي ذات مرة بأسد لا تقدر عليه أو تقع في تبلكة أخرى فقال له سادات قومه لا تخف عليه أيها الأمير فإن الله أعطاه هذه البسالة والشجاعة ليس فقط لروح الإنسان بل لكل طاغ وباغ ولو لم يكن الله يقصد هلاك هذا الأسد لما بعث إليه بأبنك ولاسيها ان الله وعده بطول العمر وبالفوز على الاعداء كا أشار في قديم الأيام الوزير بزرجمهر أي أنه يكبح دولة الفرس ويخلص العرب من هذا النير الثقيل الذي حملناه زمانا طويلا فعرف الأمير صدق قوم وتأكد أن أبنه يبقى إلى زمان طويل بممساعدة الله تعالى ويكون له الأسم الأول في أيامه .
وبقى الأمبر حمزة يخرج إلى الصيد مع عمر في كل يوم لأنه كان كما تقدم تولع به وصار لا يقدر أن يرجع عن هله المهنة قط لشدة ولوعه فذهب ذات يوم مع أخيه عمر وسارا في طريق غير الطريق الذي كانا يسيران فيه قبلا وبعد أن بعدا به وقد حمى البر واشتد الحر طلبا الماء لشدة العطش فلم يريا قط عين ماء ولا نبعا يسيل منه الماء وطافا في كل الجهات فلم يقدرا حتى اشتد العطش على الأمير حمزة وكادت تفقع مرارته فصاح بعمر وقال له ويلك من أين نجد الماء الآن فإني هالك لا محالة ولا طاقة لي على الصبر فإني أشعر أن بجوفي لهيب نار وهو كالاسفنجة فنقطة ماء تحييني فقال له إني أجيئك بالماء بعد قليل فاذهب أنت إلى تحت شجرة واستتر بظلها من حر الشمس وانتظرني إلى أن أعود إليك بالماء ثم إنه أطلق ساقيه للريح وبأسرع من البرق غاب عن العيان وسار حمزة إلى ' تحت شجرة كبيرة هناك وقبل أن يصل إليها لاح له فارس عن بعد يتقدم إلى جهة وهو راكب فوق جواد أبيض كالثلج وتحته. قربة من الماء فتاقت نفسه إلى شربة ماء فسار إلى ١
صفحه نامشخص
جهة الفارس وفي نيته أن يطلب منه الماء فإذا امتنع أخذ .بالغصب عنه وعند وصوله إليه وجده بلحية بيضاء كالثلج يتدفق منها النور وعليه من اهيبة والوقار والعظمة والجلال مالم يره في غيره من البشر ومع أنه أذ بذلك المنظر المهيب لم يتأخر عن طلب الماء لإحياء نفسه فصاح بذلك الفارس وقال له إني عطشان وأريد شربة ماء إما بالرضا وإما بالخصب فأجابه الفارس برواق وهدوء وفصاحة لسان وعذوبة كلام وقال له قف مكانك فهذا الماء هو لك واعرف من أمامك فزاد إعجابه نما سمع ولم يجسر أن يتحرك من مكانه ولا سي| عند سماعه أن هذا الماء هو لك . فقال يا سيدي من أنت ومن اين عرفت أني عطشان حتى جتتني بالماء قال له أعلم أني أنا الخضر الأخضر أبو العباس عليه السلام أعرف ما حدث وما يحدث فاقترب أولا من هذه القربة وأشرب فماؤها لذيد جدا وبعد أن تروي عطشك أحدثك بحديث ذي شأن جئثتك لأخبرك به الآن فارتاح حمزرة عند سماعه أن الذي يكلمه هو الإمام الأعظم فاطاع قوله ونزل عن جواده وتقدم فشرب من القربة واكتفى ورجع إلى الوراء ووقف بأدب وقال له اسمح لي عما صدر مني وكن ساعدي ومعيي وغوثي عند ضيقتي فقال له إني مجيبك بإذن الله سبحانه وتعالى على الدوام وقد أتيتك الآن لأخبرك أنك أنت الذي هو الرجل الذي يرتفع به شأن العرب في هذه الأيام ويتخلصون من مظلم الفرس على يديك وتذل الدولة الكسروية إلى آخر الأيام لأن الله لا يحب أن تذل هذه الأمة لمقاصد له فيها وسوف يعززها ويكرمها ويرفع مقامها فيه بأتي بعدي من الأيام لكن في البداية تكون معينا لكسرى وترفع عنه الشدة . ثم إن الخضر حكى لحمزة عن حلم كسرى وما يكون منه وكيف يخرج عليه فارس خيبري يتسلط على بلاده فيأي ويخلص له البلاد منه ويعيده إلى كرسي ملكه ٠.
وبعد أن أخبرهبكل ما يكون لهفي حياته قال له ارجع الآن إلى أبيك واطلب منه أن يسلمك الذين ولدوا يوم ولادتك وهم ثمامماثة غلام فاجعلهم رجالك الأخصاء واعتني بهم وعلمهم بنفسك كل فنون الحرب التي تنقصهم واجعل قيامهم وقعودهم بين يديك فهم وجدوا لأجل هذه الغاية وإذا غزوت قبيلة عاصية أو قاتلت ملكا على غير دين الله فيكونون رفاقك . وأخذ الخضر يزيد له في حال حياته وحمزة مطرق إلى الأرض إلى أن ٠ فرغ فأراد حمزة أن يقبل يديه ويدنو منه فغاب عن عينيه ولم يعد له أثر وضاعت رائحة البخور من بعده بما يشرح الصدر وبقي حمزة مبهوتا واقفا فرح من نفسه وبينم| هو كذلك وإذا بأخميه عمر قد أقبل يركض حاملا وعاء ماء على عاتقه فوجده على تلك الحالة فظنه يفعل ذلك من العطش فدفع إليه الماء وقال له خذ واشرب وارو عطشك فقال له لا حاجة لي بعد للماء فإن الله بعث لي ماء لذيدا كل من يشرب منه لا يعطش إلى الأبد قال من أين لك الماء وأنت باق مكانك لا تخطو خطوة واحدة فحكى له ما كان بينه وبين الخضر عليه ١
صفحه نامشخص
السلام وكيف حضر عليه وسقاه الماء فتعجب عمر من ذلك واندهش وقال إن كان هذا الغوث وعدك بالمساعدة فانك لا تخش مكدرا فهو قادر على إغاثتك ومعونتك في كل حياتك .
ثم إنبها رجعا إلى المديئة وقلباهما مرعبان فرحا ومسرة وانتبه حمزة إلى نفسه أكثر فأكثر وعمد إلى ترك الصيد والاعتناء بالذين أخبره عنهم الخضر أن يتخذهم خلصاء له وعند دخحوله إلى المدينة جاء إلى أبيه وهو في ديوانه وطلب إليه أن يسلمه الثمانمائة غلام الذين ولدوا يوم ولادته ليكونوا عنده فسأله أبوه عن السبب فأعاد عليه القصة بتمامها من الأول إلى الآخر وما دار بينه وبين الإمام الاعظم وكيف وعده بالمساعدة والإغاثة فزاد فرح أبيه به وتعجب من محبة الله سبحانه وتعالى لولده ولرجاله وكيف يريد أن يجعل الفرج للعرب على أيديهم وردع ملوك الفرس وغيره من كبار ملوك العالم بواسطة ولده هذا الحقير الذي لا يجمع تحت رايته إلا شرذمة قليلة وني الحال أحضر الشبان المذكورين وكانوا لا يزالون مردان أي لم ينبت الشعر قط بوجوههم ودفعهم إليه فأخذهم إلى خاصته وعقد لنفسه عليهم وجعل يمتحنهم في ميدان الحرب والطعان ويدرمهم على الثبات ومن كان منهم ناقص المعرفة أثناء القتال مال إليه وعلمه ما يحتاجه حتى خرج الجميع أبطال أشداء ورأى .
عمر فعل أخخيه حمزة وكيف أنه يجاريه بذلك فانتخب لنفسه هو أيضا أربعين غلاما وجعل يعلمهم العيارة والزندقة وأبواب الحيل والخداع وضرب النبال وكل ما هو من هذا الباب ومن ذلك الحين بدأ الأمير حمزة أن يقصد القبائل وينزل على الغدران والمناهل فمن تعرض له أو طمع به قتله وسبى قومه وهب رجاله حتى انتشر صيته وطار بين العرب وانتقل من مكان إلى مكان فصار إذا ركب وسار وحده في البراري وصادفه عشرة ألاف فارس يعرضون عنه ولا يتعرضون له إذا عرفوه وتأكدوا أنه الأمير حمزة بن الأمير إبراهيم خوفا من سطوته وبأسه وعلما| منهم أنه من أشراف العرب وسادتهم أصحاب البيت الحرام .
ففي ذات يوم خخرج على حسب عوائده وطرق رجال قبيلة من قبائل العرب كانت قد تعدت على بعض قومه يقال لهم بنو الأجدل فغار عليهم ونب القبيلة برمتها وأحذد ما وصلت إليه يده من النوق والأغنام وعاد كاسبا منصورا بعد غيابه عن مكة عدة أيام وحالما وصل إلى ضواحيها وجد خياما مضروبة هناك وعند جماعة من الجنك يظهر أن بعضهم من العرب وبعضهم من العجم فأرسل أخاه عمر في الحال أن يكتشف له خبرهم وما الداعي لنزوهم في ذلك المكان فانطلق عمر إليهم وعاد في الخال وقال له إن سكان هذه الخيام هم من العرب والأععجام وقد جاءوا حسب العادة لأجل أن يجبوا الأموال ويرفعوها إلى كسرى فالعرب من جماعة النعمان بن المنذر والأعجام هم من جماعة كسرى أنو شروان قال الأمير حمزة أني اسمع بذلك على الدوام وأعجب كيف أن الأعجام
15
صفحه نامشخص
يجسرون على المجيء إلى بلاد العرب والعرب هم أشد باسا وأقوى مراسا معتادون على حروب وملاقاة الأهوال بخلاف الأعجام اصحاب البذخ واللهو والزينة ف) هم إلا أشبه بالنساء صفة وقلبا فقال عمر أعلم أن العجم كثيرو العدد أكثر من العرب وكلهم يجتمعون إلى ملك واحد لا تتفرق كلمتهم ولا يقوم منهم قوم على قوم ولا قبيلة على قبيلة كما تفعل العرب الذين دأبهم على 'الدوام التفرق فيغيرون على بعضهم ومن ذلك لا تقوم لهم قائمة لا سيا وأن ملكهم النعمان منقاد لأمر أنوشروان متفق معه على دينه فقال حمزة وما دين النعمان ملك العرب قال كان من عباد الله ولا يزال إنما يجاري الأعجام فيكرم النار ويقدم لما مزيد الاعتبار فلما سمع الأمير حمزة كلام عمر لعب به الغيظ والغضب وقال لأحتيه هيا بنا نكبس هؤلاء الاعراب والأعجام ونوقع مهم ويمنعهم مرة ثانية أن يعودوا إلى الإتيان إلينا ويخطر لهم أن يجبوا مالا منا لأننا أحرار لا نقبل الإذلال وتأنف أنفسنا إلا الطاعة لله سبحانه وتعالى وإذا غاظ عملي هذا كسرى ملك الأعجام أو النعمان ملك العربان سرت اليها وقتلتهها وخربت بلادهها ولا أحشى بأس أحد فأجاب عمر سؤاله وني الحال هجم على الخيام المقيمة فيها الأعجام وأوقع السيف فيمن هناك وكانوا آمنين من طوارق الحدثان لا يخطر بفكرهم عملا مثل هذا العمل حتى رأوا الأمير حمزة وقد انحط عليهم بجماعته وأخذ يقتل ويذبح فيهم وقد أعمى بصائرهم فاضطربوا وارتاعوا ومبضوا إلى خيولهم وهم يودون النجاة والخلاص وكان الفائز منهم من قدر أن يصل إلى جواده ويركبه فارا بنفسه من وجه الأمير حمزة ودام ذلك إلى الليل ومن ثم رجع الأمير حمزة بعد أن قتل فيهم مقتلة عظيمة والباقون طلبوا الفرار وبعدوا عن تلك الديار ثم إنه جمع الأسلاب .. والخيول والخيام وكل الأموال التي كانت فيها وقد جمعت من العرب لترسل إلى كسرى ودخل المديئة فرحانا بعمله وبكثرة الأموال التي اغتنمها ثم إنه أعطى منبا لجماعته كل واحد نصيبه وأخذ هو الباقي أبقاه عنده وبلغ الخبر الأمير ابراهيم وسادات مكة ما كان من أمر حمزة فاغتاظوا وحسبوا حساب النعمان والملك كسرى وقالوا لابد من أنها يبعثا إلينا بالعساكر والرجال بسبب ما كان منا على رجاه). ثم إن الأمير إبراهيم دعا بولده ولامه على ما فعله وقال له لا ريب أنك جلبت إلينا شرا عظيما ورميتنا بويل وأي ويل وعندي أن من الأوفق أن أبعثك إلى النعمان تعتذر إليه وترجع أموال كسرى وتزيدها ترضية له واظهر له جهل قومه وأنكم ما عرفتموهم قط : فقال حمزة إن أعجب منك يا أبي كيف أن الخوف يتسلط عليك ويضعف لك قلبك أتدفع الجزية وعندك رجال وأبطال وابنك حمزة لا يخاف أحدا في هذه الدنيا وإني غير مكتف بما فعلت وقد أقسمت الاقسام العظيمة أني لابد من أن أسير إلى الملك النعمان وأخخرب الحيرة وأذبحه ذبح الأغنام كيف أنه يطيع للأعجام ويترك عبادة الله ويعبد الأصنام والنار المحرقة مع أنه عربي ومن الواجب عليه أن يكون مع العرب ويسحبها كلها على الأعجام ليقلع 7و١ :
صفحه نامشخص
.متهم الآثار ويمنع أبناء جنسه من الذل ودفع الجزية لقوم لا يفرقون بين الحلال والحرام وبعد أن أفعل ما أفعله في الملك النعمان أسير إلى المدائن وأخرب الإيوان على رأس كسرى أنوشروان وأهدم معابد النيران وادع الجميع أذلاء بسيفي مطيعين لامري عابدين لله سبحانه وتعالى فقال أبوه يا ولدي إنك تتكلم عن جهل وعدم معرفة أتظن الملك النعمان قليل الانصار والأعوان الا تعلم أنه ملك ملوك العرب وصاحب الراية الكبرى بينم أو بالحرى لا تعلم ما هو كسرى أنو شروان أو تظنه من بعض رؤ ساء القبائل الذين تقصدهم وتقاتلهم وتسلب منهم أموالهم وليس عندهم من الرجال إلا حمسمائة أو ألف رجل على الأكثر فعي إلى نفسك وأعلم ان الملك كسرى أكبر ملوك هذا . الزمان يملك ما لا يعلمه غير الله سبحانه وتعالى ومن المقرر أن عدد عساكره لا ينقتص عن الكرات ولملايين فمن نحن ومن منا يذكر لدى ذكر الملك كسرى فالتبصر بالعواقب أفضل لنا وملاقاة أمرنا قبل الوقوع بورطة وبيلة خير من أن نقع بعظائم الامور فقال له حمزة أن ما فعلته لا أندم عليه قط وما قلته من مسيري إلى الملك النعمان وإجباره على ترك عبادة النيران لابد منه فلا تطمع نفسك برجوعي عن عملي فاجلس أنت تختك وكن براحة فإذا سئلت فقل ابني حمزة فعل ما فعل ودعهم يأتون إلي ويرون ما يسرهم مني فلما رأى سادات مكة أصرار حزة على قوله وشاهدوا غيظ أبيه منه قالوا له أعلم أيها الأمير أن ابنك هو من رجال كسرى وكذلك الذين معه وهم لا يعيشون على حسابه فإذا سئلت عما كان من هذا الأمر وكيف أوقع بجماعة الملوك فقل لهم إن هذا لا علم لي به وإن الذي فعله قومكم ولا ريب أن كسرى يسامح حمزة على فعله لعلمه أنه بحاجة إليه كما أخبره بز رجمهر ولا يرضى بقصاصه إلى أن ينفذ المقدر فاترك ابنك على زعمه فعسى أن الله قصد إنفاذ غاياته وخلاصنا من الذل كما أخبر وزير كسرى انوشروان. فسكت عند ذلك الأمير إبراهيم وسأل الله نهاية الال على أتم منوال وبات ينتظر ما يكون من أمر الاعجام والملك النعمان عند وصول الاخبار اليهم| بما وقع من حمزة على قومهما ومالهما .
وأما الأمير حمزة فإنه بقى مصرا على عزمه بالمسير إلى الحيرة وتحاربة الملك النعمان وإرجاعه عن عبادة النار إلى عبادة الديان وأعلم بذلك قومه وقال لهم كونوا على استعداد لنرحل بعد قليل من الأيام فأجابوا سؤاله وقالوا نحن .لك وبين يديك فأين سرت با سرنا ومن قتلت بنا قاتلنا ولا نبخل بأرواحنا عليك قط فشكرهم على ذلك وأقام مدة سبعة أيام | وفي اليوم الشامن من.ركب عل مثل هذه النية فجاء إليه أبوه وسادات قومه وجعلوا ينصحونه ويلومونه على فعله ويحذرونه من شر عمله ورداءة عاقبته وهو يصر ويمتنع إلا السفر إلى الحيرة وإتمام ما عزم عليه. ورأى ابوه منه المكابرة فلم يقدر على ردعه فسلمه لله ودعا له بالنجاح وفي ظنه أنه لا يحصل على النجاح التام ولابد من أن املك .
٠ 14 ٠
صفحه نامشخص
النعمان يقبض عليه ويجازيه على عمله وركب حمزة وخرج من مكة المطهرة وركب لركوبه سائر رجاله وهم الثمائمائة فارس كلهم شبان مردان من سنه وسار بين يد عمر العيار كأنه عفريت من عفاريت السيد سليمان ينطلق في ذاك البر فيغيب عن الأبصار ثم يعود بأسرع من هبوب الرياح إلى أن بعدوا عن تلك البلاد وتبطنوا البراري والقفار والسهول والأوعار والأمير حمزة يتمنى أن يصل إلى الحيرة ليدهمها بغتة ويوقع فيها ولا يمسك إلا الملك النعمان مسك الأيدي ويجازيه على فعله وفيها هو سائر على تلك الحالة وإذا بأخيه عمر قد جاء إليه وقال له عرج بنا يا أخي عن هذه الطريق ولا ترم بنفسك إلى الخطر فأني.رأيت أسدا هائل المنظر كبير الحثة لا اظن انه يوجد اعظم منه قد انحدر من الحبل ووقف في الطريق يمنع مرورنا وأخاف أن لا تصادف معه نجاحا فيفترسك ونقع نحن من بعدك باليأس. فقال له ويلك يا عمر أتحب أن تمتحني بهذا الكلام أو تخوفني فيه أما رأيت فعل بالأسد قبل اليوم وأنت تعلم أنه لو اجتمعت إلي ألوف من الآساد وقصدت افتراسي لما مكنت واحدا منها من نفسى بل كنت أهلكتها عن بكرة أبيها ف| الأسود عندي إلا أشبه بهررة البرية وسوف ترى بعينيك ما يكون من هذا الأسد الذي أشرت إليه وحكيت عنه وبقي الأمير حمزة سائرا على طريقه إلى أن التقى بالأسد وهو رابض في نصف الطريق وأعينه تقدح كمشاهيب نار ولا رأى الأمير وقد أقبل في الأول وقف على قوائمه ورفع بلنبه إلى أعلى ظهره ثم ضرب به على جانبيه وكشر على أنيابه وأخرج أظافره وني عزمه أن ينحط على الأمير فيضربه بيديه يسحقه تحتها ثم ينهشه ويأكل لحمه ويمرمش عظمه غير أن الأمير كان يتقدم إليه بتأن وثبات وقد نزل عن الجحواد ومشى على الأرض وبيده الحسام والأسد صابر عليه إلى أن قرب منه وصار بجانبه وإذا الأسد قد بعث بصوت قوي جفلت منه الخيول وارتاعت الفرسان وانحط دفعة واحدة على الأمير حمزة فأجابه بصوت أشد من صوته وأسرع بضربة حسام على رأس الأسد ضربة صادرة من يد بطل أبطال ذاك الزمان فوقعت بين عيني الأسد شقت رأسه إلى نصفين وشطرته إلى شطرين فوقع الأسد إلى الأرض قتيلا في الحال وقد تعجب رجاله من فعله وما أبداه في قتال الأسد وكيف إنه قتله بضربة واحدة وزاد حبهم له وولوعهم به وأراد الأمير أن يتقدم من الأسد وينزع قلبه ويأكله وإذا به سمع صوتا عن بعد فمال بنظرة وإذا به يرى فارسا منحدرا من الجبل وهو يسرع إلى نحوه فصبر عليه إلى أن قرب منه ووصل إليه فرآه من الفرسان وتحته جواد من الخيول الحسان متقلدا بسائر أنواع السلاح . فقال له ما تريد ولأي سبب جئت . قال جئت لانتقم منك واعجل من هذه الدنيا مر نحلك حيث قد قتلت أنيسي ورفيقي ومن ألفت عليه زمانأطويل ثم أنه صدمه صدمة قوية فالتقاه الأمير حمزة بهمة وحمية وأخذ في القتال والاتساع بالمجال. وسلوك طريق الاهوال. وهما يتطاعنان بالرماح الطوال
٠ 1 ٠
صفحه نامشخص
ويتضاربان بالسيوف الصقال وببمهمان كأسود الدحال وداما على مثل تلك الحال مقدار ساعة من الزمان وفرسان مكة تنظر وترى وإذا بها قد رأت فارس الحبل قد قام في ركابه وضرب الأمير حمزة ضربة بحسامه ضيعها بمعرفته وشدة خبرته وبعد ذلك أنحذه الغيظ والحئق فصاح بصوت ارتجت منه تلك السهول والوديان وقد ضايق خصمه ولاصقه ومد يده إلى جلباب درعه واقتلعه من بحر سرجه وأصبح بيده كالعصفور واراد أن يضرب به الأرض فصاح مستجيرا به وطلب منه الأمان وأن يعفو عنه فشق عليه وألقاه بتأن إلى الأرض وقال له ويلك احك لي قصتك وما سبب سكناك في هذه البرية وكيف يكون الأسد رفيقك وأنيسك مع إني لم أسمع قط إن الإنسان يألف الأسود ويقيم معها في البراري والكهوف ويترك معاشرة أبناء جنسه ورجال قومه .
فقال الفارس اعلم إني ما تركت الناس إلا لأمر عظيم وطلبت نفسي البعد عن الناس والانفراد بين الوهاد وذلك أني من رجال الحيرة ومن قوم الملك النعمان وكان لي عنده مقام وعلو شأن أتخدمه كباقي الفرسان وأنا عائش بنعمة ورضاء لا أهتم بأمر قط إلى أن علقت بحب بنته وطلبت نفسي زواجها وهي بنت جميلة المنظر بديعة الحمال قد اعتادت ركوب الخيل والغارات في الغهار والليل ولذلك قد دعاها بالقناصة حيث كان يندر وجود مثلها من أبناء جنسها ومع ما هي عليه من الصفات الحسنة كانت كاذية خادعة وكنت أتمنى رضاها وأرغب في كل ما يمكني من خدمتها وأنا أكتم أمري عنها وعن أبيها انتظر الزمان المناسب إلى أن كان ذات يوم ونحن قائمون في المدينة وإذا بأحد الفرسان قد جاء إلى الملك النعمان وأخبره أنه رأى العساكر والفرسان في خارج المدينة وهي بعدد الجراد المنتشر فاضطربنا جميعا ولم نعلم ما السبب وبينا نحن كذلك وإذا برسول قد دخل على الملك النعمان يحمل كتابا فدفعه إليه وبعد أن قرأه قال اعلموا أن هذا الكتاب من" الأمير غشام أحد أمراء العراق وهو بطل من الأبطال لا يوجد له قرين في هذا الزمان وقد ذكر لي أنه سمع أن لي بنت أسمها القناصة فجاء يطلبها وهو يخطبها مني ويذكر لي إن امتنعت ولم أجب سؤاله أخذها بالرغم عني أي بقوة السيف والسنان فا قولكم في ذلك فقالوا له اسأل بنتك أولا فإذا قبلت به أعطيناه إياها وإذا امتنعت دافعنا وأرجعنا هذا الأمير بالخيبة أو اننا طاولناه لبينما نكاتب العرب ونجمع العساكر وكانت زجال النعمان تتكلم بذلك وأنا ضائع العقل فاقد الحيل من أن يتم ما قالوه وترضى القناصة بالأمير غشام فالتزم أن أموت شوقا ووجدا وهياما . وني الحال دعاها أبوها إليه فحضرت وهي أشبه بالغزال الشارد تحجل بخلخاطا ملثمة بلثام لا يبان منها غير عينيها فل| رأيتها كدت أقع إلى الأرض وجعل قلبي يخفق هلعا واشتد بي حبها اشتدادا عظيا وأنا لا أعرف ماذا تجيب وكنت انتظر أنها إن أجابت بالقبول أقتل ذاتي في الخال وأريح نفسي من عذاب 0"
صفحه نامشخص
البعد عنها ولم يكن في وسعي أن أطلبها من أبيها زوجة ولا يمكنني ذلك إلا إذا ساعدتني الأيام ورفعت من شأني أو رضيت هي بي ووافقتني على ما أنا به .
ولا سألا أبوها عن الأمير غشام وأخبرها بغايته قالت له أني لا أرضى به مطلقا كونه جاء متهددا وفي ظنه أنه يقبض القناصة ويذها وأني أقسم بحياتك أن لا بد لي أن ألقاه في وسط الميدان فأما أن يأخذني رغم عني ويجبرني إلى أن أكون له زوجة بالغصب لا بالرضى وأما أني أقتله وأرجع قومه بالخيبة ولا أكون عرضة لتهديده ويكون أب الملك النعمان ملك العرب وعامل ملك كسرى أنو شروان ونخاف الأمير غشام وقومه فسرني ما سمعته منها وقلت في نفسي إنها أصابت وإن الدهر سيساعدني في هذه المرة فإذا لم تقتل الأمير غشام قتلته أنا وأخذتها بخاطرها ورضاها وأكون قد فعلت جميلا معها ومع أبيها ويعرف أني كفؤ لها . فقال النعمان لبنته إني أعرف أنك لست من رجاله فهو افة من الآفات قد انتشر صيته في كل الحهات وخافته الأبطال والسادات ولا سيا أن رجالنا غير مجتمعين وليس عندنا من العساكر ما يكفي للدفاع ومن الصواب وعده ويما طلبته إلي أن نكاتب العزب فتأتينا الفرسان من كل مكان وإذا ذاك نخاصمه وندفعهعنا . قالت إن الأمر لا يحتاج إلى كل ما تقول وإني أعرف من نفسي أني قادرة عليه ومع ذلك فاكتب إليه. أن يلتقيني غدا في الميدان فإذا أسرني له الحق بأن يأخذني زوجة وإذا أسرته رجع بالخيبة وتركني وأخبره أن ابنتي آلت على نفسها أن لا تتزوج إلا بمن يقدر عليها في وسط الميدان ويأسرها على أمري من سائر الفرسان . قال أخاف .أن يأسرك ويأجذك بالرغم عنا فتكونين بذلك كسبية وهذا عار عند العرب . فإذا كان كذلك أرى من الموافق أن نزفك عليه بالرضا والاختيار . قالت أفضل الموت على ذلك ولا بد من قتاله وإني قادرة على كبحه وإرجاعه بالخيبة وقتله وسوف ترى بعينك من أمري وأمره .
فلم) سمع أبوها كلامها لم يسعة إلا الإجابة وعرف أن بنته لا تقدر على الأمير غشام إلا أنه علق آماله بالصدفة وقال في نفسه ربما تتمكن منه وتقتله ولذلك سمع لها وأنا أقرأ على وجهه غايته وأرجو أن يوافقها إلى أن انتهى الأمر وكتب كتابا إلى الأمير غشام يخبره بما كان من أمر بنته وأنها لا ترضى أن تتزوج به ما لم يكن أشد منها بأسا وأقدر في ساحة الطراد ويقول له في آآخر الكلام أن يبكر في الغد إلى الميدان 'ليلتقيها هناك ويبارزها وتفصل الخال بينها ولما كان اليوم الثان حرجت إلى جوادي وركبته وتقلدت بعدتي وأنا لا أعرف ما تنتهي إليه حال القناصة في ذاك اليوم وأتمنى أن تتخلص من هذا الطالب الجديد لتبقى'لي في القبيلة فأتوصل بعد ذلك إليها بمساعدة الصدف وما استقر بي الوقوف في ذاك المقام إلا وجاء الملك النعمان ومعه جماعة من الأبطال والفرسان وأعيان قومه العظام ومن ثم جاءت القناصة وهي غائصة بالحديد من رأسها إلى أرجلها وتحتها جواد من خيول أبيها
"١
صفحه نامشخص
الجياد وكان قد مضى قسم من التبار وإذا بالأمير غشام قد أقبل من الحهة الثانية ومن خخلفه عساكره وأبطاله وهي تتقدم كأنها الحراد المنتشر وني الخال أسرع إلى وسط الساحة وصال ووجال ولعب برمحه العسال حتى حارت منه الفرسان والأيطال ثم طلب إلى الملك 'النعمان أن يبعث ببنته القناصة كها أشار لتلتقيه في ساحة المجال فأسرعت إليه وانقضت عليه وقام بيهها سوق الحرب واختلف الطعن والضرب وهما تارة يفترقان وتارة يجتمعان ٠ كأنهها أسدان يزأران أو كبشان يتناطحان والفرسان تنظر إليهما بالعيان من كل ناحية ومكان وم تكن القناصة من رجال الأمير غشام ولا من يلتقيه في ساحة الحرب والصدام . إلا أنه كان يطاولها ويحاولها ولا يريد أن يقهرها . .فدام معها إلى أن قرب الزوال وعند ذلك صاح فيها وهجم عليها واقتلعها من ظهر جوادها ورجع بها إلى قومه وقد وقع الرعب بقلب الجميع والخوف على القناصة من قانصها ولحق بي من الغيظ والحنق ما لم يلحق بمخلوق قبل وتمنيت أن يكون' بقية نور من نور ذاك الهار لأسرع إلى خلاصها غير أني وقفت مرتبكا وقد عاد الملك النعمان حزينا على ابنته إلى الأبيات ورجع معه جميع السادات ليفكرن بأمر غشام وهل يدومون معه على القتال أو يسالمونه ويزوجونه بالقناصة أما أنا فلم أرجع قط وبقيت واقفا في مكاني مبهوتا حائرا لا أعلم ماذا أفعل وبماذا أتصرف ولبثت إلى أن مضى ربع الليل وإذ ذاك خخطر في ذهني أن أسير إلى صيوان الأمير غشام وأخاطر بنفسى عساي أقدر على خلاص القناصة وأكون بذلك قد فعلت جميلا معها وأسأها باستحقاق زواجها ولا أظن أنها تمتنع ولا أبوها متنع عن إجابة طلبي بعد أن يعرف بعظم عملي ومخاطرتي بنفسي وهلاك عدوه .
ولا قوي برأسي هذا الخاطر ربطت بجوادي في ناحية وسرت تحت الظلام مستترا به إلى أن احتلطت بالعراقيين جماعة الأمير غشام وتوصلت بالقضاء والقدز إلى صيوان الأمير غشام فوجدت عنده حارسا من قومه فضربته بسيفي على حين غفلة أرديته قتيلا ودنحلت الصيوان فوجدت الأمير نائم) على سريره وإلى الأرض القناصة وهي مقيدة فأسرعت إليه وضربته بسيفي فقتلته وأسرعت إليها فحللت وثاقها وكانت قد رأتني وعرفت أن من قومها ففرحت مزيد الفرح بي في الحال قلت لطا اتبعيني لنخرج من بين الأعداء أولا فأسرعت خلفي وخرجنا من بينهم والليل يسترنا ولم يرنا أحد ولا آمنا على أنفسنا دنت مني وجعلت تشكرني على فعلي وقالت لي ما الذي حملك على هذا الفعل وأن ترمي بنفسك في طريق المخاطر والأهوال لأجلي فقلت لما عن السبب وشرحت لما ما وقع بقلبي من حبها وإني فضلت الموت على أن أراها بيد الأعداء ثم رميت نفسي بين يديها وقلت لما أرجوك يا سيدتي أن لا تضيعي لي تعبا ولا تنسي عمل وأريد منك أن تعديني وعدا صادقا على الحب والولاء والمودة وإني أكون لك على الدوام أمينا صادقا مطيعا وإلا
"1
صفحه نامشخص