شیوعیت و انسانیت در شریعت اسلام

عباس محمود العقاد d. 1383 AH
89

شیوعیت و انسانیت در شریعت اسلام

الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام

ژانرها

ولا نحب أن ننسى في ختام هذا الفصل أن طائفة من المفكرين من غير الشيوعيين يعتقدون اليوم أن العصر الحاضر يعدل عن مبادئ الحرية الفردية، وينظرون إلى خطط التنظيم الاقتصادي وبرامج السنوات الخمس، أو العشر في الأمم أو الجامعات «الأممية»، أو ينظرون على الجملة إلى مشروعات التأميم والتعميم، فيحسبونها دليلا على التحول من الإيمان باستقلال الفرد إلى الإيمان بوجوب الحد من ذلك الاستقلال في شئون الاجتماع والاقتصاد، وإلى الإيمان من ثم بوجوب الحد من استقلاله في الحقوق السياسية.

وبعضهم يقول: إن الفردية مبدأ قديم قد حان الوقت لإعادة النظر فيه من الوجهة الفلسفية، وآخر ما اطلعنا عليه في هذا الموضوع - مع الإيجاز - بحث «لدافيد ريسمان» بعنوان «الفردية معادا فيها النظر» يتوسط فيه بين الفردية المطلقة والجماعة المطلقة، فلا ينكر حق الفرد ولا يرى أن عمل الجماعة التعاوني

7

يلغيه أو يفتئت عليه، بل يرى أن الجماعة - حيث لا يستطيع الفرد أن يستقل بالعمل - هي الوسيلة الصالحة لصيانة استقلال الأفراد، وأن التنافس - ككل عمل إنساني - قد يخرج عن حده فيرده إليه القانون، ولا يفتئت به على حق الفرد ما دام جميع الأفراد سواء في حكم القانون.

ولم نطلع على بحث من بحوث «إعادة النظر» في هذا الموضوع إلا أحسسنا منه أنه يقوم على أساس أخلاقي، أو شعور يمزج بين الفردية والأنانية أو بين الفردية والصراع على تنازع البقاء.

وفي الحق أن هذا الشعور لم يبدأ اليوم ولم يكن ابتداؤه بالأمس في ميدان الاقتصاد دون غيره، فقد كان الاعتراض على مذهب تنازع البقاء الذي أعلنه «داروين» أشد من الاعتراض على حرية التنافس الاقتصادي

8

الذي أعلنه آدم سميث الملقب بأبي علم الاقتصاد.

وكلا المذهبين لا يسلم من الخطأ الكثير، إلا أن الاستناد إليهما في مناقشة الحرية الفردية يوقع أصحابه في أخطاء أكبر من أخطاء المذهبين.

فما خطر ل «آدم سميث» قط أن حرية التنافس تمنع الأمم أن تلجأ إلى تنظيم المعاملات في أحوال كأحوال الحروب أو ما يشابه الحروب، وأولى من أحوال الحروب بالتنظيم هذه الحالة العالمية التي تتوقف فيها معاملات الأمم بعضها على بعض، وتذهب فيها جهود الأفراد عبثا إن لم تدبرها الأمة كلها تدبيرا يوافق المطلوب من الأمم الأخرى.

صفحه نامشخص