شیوعیت و انسانیت در شریعت اسلام

عباس محمود العقاد d. 1383 AH
88

شیوعیت و انسانیت در شریعت اسلام

الشيوعية والإنسانية في شريعة الإسلام

ژانرها

فقيام العلاقة بين الأمم الكثيرة هو الذي يوجب على هذه الأمة أن تشتغل بهذه الصناعة، ويوجب على غيرها أن تشتغل بهذه الزراعة، ويوجب على أخرى أن تجعل برنامجها موافقا لزراعة هذه وصناعة تلك في الوقت المطلوب.

هذه البرامج لا موجب لها في عصر خلا من المعاملات العالمية.

وهذه البرامج لا مفر منها مع اشتباك هذه المعاملات وتكافل الأمم طوعا أو قسرا في المنافع والأضرار.

وهذه البرامج هي التي تبدو لنا كأنها نكسة في الحرية الفردية، وهي في صميمها تهيئة للإنسان الفرد لكي يأخذ مكانه الجديد في العالم الواحد، ويتلقى بالنوع في تطوره الدائم معفى من الجهد المبدد والفوضى التي لا تكافؤ فيها بين الأعمال والحاجات.

وليس أخطر على حرية الفرد من هذه الفوضى في الحياة العالمية؛ لأنها تسومه عمل الألوف من المطالب حيث لا حاجة به إلى غير مطلب واحد، أو تسومه إهمال الألوف من المطالب، حيث يحتاج إليها في أوقاتها ولا يجدها في تلك الأوقات.

فإذا انتظمت البرامج والخطط على مقدار المطالب والموارد، فهذا هو سبيل المعيشة الحرة في العالم الكبير، الذي يتعاون كل جزء منه لإعطاء ما عنده والاستفادة مما عند الآخرين.

ولسنا هنا نفرض فروضا، أو نقتسر النظريات على موافقة الوقائع والأعمال.

فالتقارب في المسافات والمصالح مسألة من مسائل الحس والمشاهدة، والحاجة إلى اتفاق البرامج والخطط مسألة مثلها، نعمل فيها مختارين إن شئنا أو نعمل فيها مضطرين حيث لا نشاء.

إن الماديين في العصر الحاضر أدنى إلى لمس هذه الأطوار التاريخية، أو هذه المشاهدات الواقعية، من دعاة مذهبهم الأولين قبل مائة سنة، بيد أنهم لا يرونها ولا يريدون أن يروها، وليس إعراضهم عنها لأنها بعيدة من العقول فإنها أقرب إلى العقل مما يقدرونه، ويدبون وراءه في الجحور ليستخرجوه إلى النور، ولكنهم يعرضون عنها لأنها بعيدة عن طباع الشر والنقمة والشغف بالتخريب وإهدار الدماء!

أقرب إليهم من ذاك أن يتصوروا التاريخ كمينا متربصا بكمين، ولاحقين يهدمون ما بناه السابقون، وطبقة واحدة تستأصل جميع الطبقات، ولا تمهلها إلا ريثما تمكنها الفرصة منها، ونوعا إنسانيا كأنه «بنيلوب» زوج «عولس»، أو كأنه الخرقاء التي تنكث غزلها بيدها كلما أبرمته، ولماذا يستقربون هذا التصور البعيد؟ لأنهم خرجوا يبحثون عن غرض بعينه، ولم يخرجوا للبحث عن أقرب الحلول إلى المحسوس والمعقول. •••

صفحه نامشخص