أن يكون حبلى منصوبة على القطع من مثل، لأن لفظها لفظ المعرفة. ويجوز نصب مرضع من وجهين: أحدهما أن تنسقها على الحبلى،
والوجه الآخر أن تنسقها على الهاء المضمرة، أي طرقتها وطرقت مرضعا. ولم يرو النصب أحد.
قال الأعشى:
ومثلِكِ مُعجبَةً بالشَّبا ... بِ صاكَ العبيرُ بأجسادها
فنصب معجبة على القطع من مثل، لان لفظها لفظ المعرفة، ويجوز الخفض لان تأويلها النكرة. قال
امرؤ القيس:
ومثلِكِ بيضاءَ العوارض طَفْلَةً ... لعُوبًٍ تنِّسيني إذا قُمتُ سربالي
زعم الكسائي أنهم ربما نصبوا بيضاء العوارض طفلة، ثم يخفضون لعوبا. ويجوز خفض بيضاء
العوارض طفلة ونصب لعوب. ويروى: (فمثلك بكرًا قد طرقتُ ومرضع) فالبكر منصوبة على القطع
منمثل، والمرضع مخفوضة بالواو التي خلفت رب، كأنك قلت: ورب امرأة أخرى ترضع ولدها قد
طرقتها. وقال الأصمعي: معنى قوله: (فمثلك حبلى قد طرقت) أن الحبلى لا تريد الرجال ولا
تشتهيهم، يقول: فهي ترغي فيّ لجمالي. وكل حامل تمنع الذكر إلا المرأة. وقوله: (طرقت) معناه
أتيتها فغلبتها على نفسها حتى لهيت عن ولدها. ويقال: طرقت الرجل، إذا أتيته ليلا. ولا يكون
الطروق إلا بالليل. قال الله ﷿: (والسَّماءِ والطارقِ) فالطارق: النجم، سمى طارقا لأنه يطرق
بالليل. قال جرير:
طرقَ الخيَالُ لأمِّ حزَرْة مَوهِنًا ... ولَحَبَّ بالطَّيف الملمِّ خيَالا
(وقالت هند بنت عتبة):
نحنُ بناتُ طارقِ ... نمشي على النَّمارقِ
تريد: نحن بنات النجم في الحسن والعز. وقوله: (عن ذي تمائم محول). قال أبو عبيدة: التمائم:
العوذ، واحدتها تميمة. والمعنى: ألهيتها عن صبي ذي تمائم. ويقال: لهى الرجل عن الشيء يلهى، إذا
غفل عنه وأعرض. يقال في مثل: (إذا استأثر الله بشيء فاله عنه)، أي أعرض عنه. يقال: لهوت
من اللهو ألهو لهوًا.
1 / 40