اللاحقة، وأحكام تأثيره في المحل إذا كان المانع من فعلية تأثيره فيه، شغل المحل بأثر مثل أثرها، بمعنى انحصار المانع منه في امتناع اجتماع المثلين، لا لنقص في العلة أو نقص في قابلية المحل ولو باعتبار الموانع الخارجية، ولا يرفعون اليد إلا عن خصوص الحكم بترتب هذا الأثر الممنوع دون الأحكام المتفرعة عليه، ودون غيره مما هو من آثار تلك العلة، وهذا هو معنى قول الجماعة المذكورين من حكمهم بأن التغيير في المقام تحقيقي.
وما ذكره الأستاذ - طاب ثراه - من: " إن زيد لبن على لبن لا يزيد على بياض الأول " فيه: أنه ليس فيهما وصفان متماثلان، بل هما متحدا الوصف. وأما الوصفان المتماثلان جنسا المتغايران نوعا أو صنفا فلا مناص عن التزام اشتداد لمجمع هما الحاصل باجتماع معروضيهما واتحادهما مع قبولهما الشدة والضعف، كما في مفروض البحث، بل نقول: إن التنفر والاستقذار الذي قال الأستاذ - طاب ثراه -: " لا يبعد أن يكون هو المناط في النجاسة " هو متحقق في الفرض.
والحاصل أن بعد هذا التقريب يتم أغلب الوجوه التسعة التي ذكرها الأستاذ في شرح الإرشاد للقول بالانفعال ولم يقبلها. فإذا الأقوى الحكم بالانفعال في الفرض، تبعا للأساطين الذين مر ذكرهم، لما ذكرناه من تحقق التغير والتأثر في المقام بالمعنى الذي ذكرناه، سيما لو عملنا بالأخبار المتضمنة للغلبة والاستهلاك بالمعنى الذي قاله بعضهم من جعل المناط قاهرية النجاسة في نفس الأمر، وجعل التغير أمارة عليه وكاشفا عنه. ولكنا في غنى عنه، لأن الاستهلاك والقهر في الفرض متحقق فعلي، وليس كاشفه معدوما كانعدامه في مسلوب الصفة كالبول الصافي الخالي عن الطعم والرائحة، بل هو موجود فيه متحقق معه فعلا، ولم يظهر للأبصار، لاجتماعه مع مثله المانع عن ظهوره ورؤيته، كما هو شأن الأعراض المتماثلة من انتفاء ظهور التعدد والتغاير عنها عند توارد اثنين على محل واحد مجتمعين بل ومتعاقبين.
فتبين بهذا البيان أن ما ذكره الأستاذ - طاب ثراه - من تفريعه التقديري الذي
صفحه ۳۶