كموافقة النجاسة للماء في اللون مثلا لخلقة) كما في النفط والكبريت، وأمثالهما على ما قيل (أو لعارض) كاحمراره بالمغر والحناء وأمثالهما من الأجسام الطاهرة قبل ملاقاة النجاسة على وجه لم يصر مضافا، بل هو مع تلونه باق على إطلاقه، كما عن جامع المقاصد دعوى القطع بوجوب التقدير هنا، معللا بأن التغيير في المقام تحقيقي، غاية الأمر أنه مستور عن الحس. ومثله عن المدارك والمعالم، وسبقهم إليه الشهيد في البيان، ومثلهم في دعوى القطع بالنجاسة في الفرض ما حكي عن المصابيح، بل حكي عنه: أنه لا بد أن تؤثر فيه النجاسة اشتدادا، يعني في صفته، وعن الحدائق: أنه قطع به متأخرو الأصحاب من غير خلاف معروف بينهم في هذا الباب.
ومما بينا ظهر لك أن ليس المراد بالمانع في المتن مطلق المانع، حتى مثل البرد المانع في الشتاء من عفونة الماء بالعذرة والجيفة، كيف! وعدم تأثر الماء بهما واضح، بل هذا القسم داخل في قوله: " وغيره " في العبارة السابقة من قوله:
" لسلب الصفات وغيره " ووجهه واضح.
وأحسن الوجوه للزوم التقدير في مسألة المانع أن النجس الوارد على الماء تام في سببيته للتغيير وتأثر الماء به، وعدم أثره فيه ليس إلا لامتناع حلول أثرين متماثلين في محل واحد، وإلا فالسبب تام الفاعلية، والمحل قابل للانفعال، وليس هناك إلا سبقه بقبول مثل هذا الأثر، فامتناع قبوله لأثر المؤثر اللاحق لشغله بمثله، ومثله لا يمنع عن ترتب ما هو من أحكام تأثير هذا المؤثر اللاحق وترتب أحكامه، كما في العلتين المتواردتين على محل واحد، حيث إنه يحكم بترتب ما يختلفان فيه من الأحكام مع وحدة الأثر الحاصل منهما في المحل، لعدم قبوله إلا لأثر واحد، كما في اجتماع أسباب القتل، واجتماع أسباب الخيار، واجتماع أسباب الوجوب والتحريم، وهكذا أمثالها مما هو موجود في جميع أبواب الفقه من الطهارة إلى الديات.
وبالجملة، ترى استقرار بناء العقلاء على ترتيب ما هو من أحكام العلة
صفحه ۳۵