وهذا الرأي أعني ان الابصار بسبب انطباع صورة المرئي في الرطوبة الجليدية هو رأى الحكيم أرسطو وعليه آراء متأخري الحكماء، وفى كيفية الابصار مذهب اخر وهو انه إنما يكون بخروج شعاع من العين على شكل مخروط تتصل (1) قاعدته بسطح المرئي وزاويته متصله بنقطة الناظر، وهو مذهب باطل، وعلى بطلانه براهين كثيرة ويكفيك منها ههنا ان تعلم أنه لو كان كذلك لاختلف الرؤية عند هبوب الرياح وركودها لممانعة الهواء ولكان ما تحت الممانعات (2) من ذوات الألوان أحق بأن يرى مما في الزجاجات الصافية لسهولة نفوذ الشعاع هناك، والتاليان باطلان فالمقدم كذلك، وباقي البراهين مذكورة في المطولات.
ثم إن لهذا الانطباع الذي تأخذ عنه القوة شروطا سبعة أحدها سلامة الحاسة من الآفات، الثاني عدم الحجاب بين الرائي والمرئي، الثالث حصول النسبة الوضعية بينهما وهي المقابلة، الرابع كون المقابل ذا لون، الخامس ان لا يكون بينهما بعد مفرط، السادس ان لا يكون بينهما قرب مفرط، السابع ان لا يكون جسم المرئي في غاية الصغر، فإذا فرضنا تمام هذه الشروط فان آلة الحس حينئذ تصير مستعدة لحصول ذلك المرئي فيها أي صورة مطابقة فيها صورة الشئ ومثاله الا ان بينهما فرقا وهو حصول القوة المدركة هناك دون المرآة فادراك القوة لتلك الصورة المنطبعة يسمى ابصارا ، والاهم للحيوان من هذه الخمس هو الذوق واللمس واما ما عداهما فقد يتعرى عنها بعض الحيوانات.
واعلم أن لهذه القوى حكمين عامين:
إحداهما - انها لا تزيد على الخمس وبرهانه ان الطبيعة لا تنتقل من درجة إلى ما فوقها الابعد استكمال جميع تلك الدرجة فيها فلو كان في الامكان حس آخر لكان حاصلا للانسان وحيث لم يحصل علمنا أنه ليس بممكن.
الثاني - النوم واليقظة وحقيقتهما أن الجرم اللطيف الحاصل للقوى النفسانية المسمى روحا نفسانيا (3) كما ستعرفه إذا انصب في الحواس حصلت الادراكات
صفحه ۷