الظاهرة وهو اليقظة وان لم ينصب إليها أو رجع عنها بعد انصبابه إليها تعطلت الحواس الظاهرة فذلك التعطل هو النوم.
واعلم أن الرجوع بعد الانصباب (وعدم الانصباب) (1) قد يكون كل واحد منهما طبيعيا وقد لا يكون، فالأول الرجوع الطبيعي وهو اما بالتبعية لغيره كما إذا رجع الروح الحيواني الذي ستعرفه أيضا إلى الباطن لانضاج الغذاء فتبعها (2) الروح النفساني أولا بالتبعية وهو كما إذا تحلل جوهر الروح في اليقظة فرجع إلى الباطن طلبا لبدل ما يتحلل. الثاني الرجوع الغير الطبيعي وهو كما إذا أقبلت الطبيعة على تنضيج العلة فيتبعها الروح النفساني. الثالث - عدم الانصباب الطبيعي وذلك أن يكون الروح في نفسه قليلا لا يفي بأن يبقى منه في الدماغ شئ ويخرج شئ منه إلى آلات القوى.
الرابع - عدم الانصباب الغير الطبيعي وذلك قد يكون لآفة تعرض للدماغ تنسد (3 معها مجاري الروح فلا يمكن نفوذه، وقد يكون لترطيب جوهر الروح فلا يقوى على البروز (4) كما كان في نوم السكري وقد يكون لأسباب أخرى.
البحث الرابع في الحواس الباطنة وهي أيضا خمسة:
الأول - الحس المشترك ويسميه اليونانيون بنطاسيا وهو قوة مرتبة في الجزء الأول من التجويف المقدم من الدماغ مما يلي الوجه فاما فعلها فادراك جميع المحسوسات التي تدركها الحواس الظاهرة وذلك أن لهذه القوة خمس شعب فيها يسرى كل اثر يظهر للحواس وينتهى إلى تلك القوة فتدركه واما برهان وجودها فمن وجهين، أحدهما - لو لم يكن لنا هذه القوة لما أمكننا (5) ان نحكم بان هذا الأصفر هو هذا الحلو فان القاضي على الشيئين لابد ان يحضره المقضى عليهما وليس هذا حكم العقل فان المحسوسات لا تدرك
صفحه ۸