الشرح: قد بين في الفصل الذي قبل هذا المنع من استفراغ بعض المرضى وهم الذين يكون بحرانهم كاملا، وفي الذي قبله وجوب استفراغ بعض المرضى وهم الذين يكون بحرانهم ناقصا؛ وفي هذه الفصول التي نتكلم فيها نبين A الأعراض المقصودة من كل استفراغ وهي خمسة، وقد اشتمل هذا الفصل على قانونين: أحدهما: إنه يجب أن تستفرغ المادة من الجهة التي هي إليها أميل، لأن هذا أسهل وأقل كلفة على القوى، مثال ذلك: إن الغثيان استفراغ مادته بالقئ أسهل من الإسهال، واستفراغ مادة الحصى بالإدرار أسهل من الإسهال، ومادة المغص بالإسهال أسهل من القئ والإدرار. ولكن يجب أن يراعى في ذلك شرط، وهو أن يكون إخراج المادة من تلك الجهة لا يلزمه ضرر يوجبه عبورها على عضو رئيس أو شريف أو قوى الحس، مثال ذلك: لو مالت الصفراء في حمى صفراوية إلى الرأس منعناها بالحقن والإسهال، ولا نرجوا استفراغها بالتعطيس والتسعيط أو غير ذلك؛ لأن ذلك يلزمه إضرارها بجوهر الدماغ. وكذلك لو مالت مادة النزلة إلى جهة الرئة، جذبناها إلى الأنف، ولا نطلب أن نستفرغها بالتنفيث خوفا على الرئة. وكذلك لو مالت إلى العين منعناها وجذبناها إلى خلاف تلك الجهة، كما B نجذبها إلى النقرة بالمحاجم، ولا نطلب استفراغها بالتحليل والدموع خوفا على العين. وربما كان العضو الذي مالت إليه أخس وأقل شرفا، لكنه أقل صبرا على ما يرد إليه، فلا تستفرغها أيضا من تلك الجهة، بل نجذبها إلى الخلاف، كما إذا مالت المادة عن الدماغ على العين أو إلى الحلق. وربما كان استفراغها من الجهة التي إليها يوجب عبورها على عضو رئيس، ولكن في الغالب لا يضره ذلك فتقدم عليه، كما تستفرغ مادة الحمى بالإسهال وإن لزم ذلك عبور المادة على الكبد. القانون الثاني: إنه ينبغي أن يكون استفراغ تلك المادة من الأعضاء التي تصلح لاستفراغها، وتعتبر هذه الصلاحية بوجوه، أحدها: أن يكون مشاركا للعضو المستفرغ منه، فلا يستفرغ أمراض الأمعاء من المثانة وإن اشتركا في أن كل واحد منهما أسفل البدن. وثانيها: أن تكون هذه الشركة قريبة، كما تستفرغ مادة أمراض الكبد من الباسليق الأيمن لا من القيفال الأيمن. وثالثها: أن يكون A عضو المخرج أخس وصبورا على مرور المادة وليس به مرض يخاف ازدياده، كما لو مالت المادة إلى الأمعاء وكان بها سحج، فإنا لا نستفرغها من تلك الجهة وإن كان عضو المخرج أخس، إذ نخاف من ذلك زيادة السحج. ورابعها: أن يكون مخرج تلك المادة منه مخرجا طبيعيا، أي من شأن الطبيعة الدفع إلى هناك كإدرار البول لإدرار مادة الحصى لا الإسهال. وخامسها: أن يكون ذلك العضو محاذيا للعضو المأووف، كما نستفرغ مادة أمراض الكبد بالترعيف من المنخر الأيمن، وأمراض الطحال من المنخر الأيسر.
[aphorism]
قال أبقراط: إنما ينبغي أن تستعمل الدواء أو التحريك بعد أن ينضج المرض، فأما ما دام المرض نيا وفي أول المرض فلا ينبغي أن تستعمل ذلك إلا أن يكون المرض مهياجا، وليس يكاد في أكثر الأمر ان يكون المرض مهياجا.
[commentary]
صفحه ۵۹