وفي الحديث أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
قال: «لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت إليه في الإسلام لأجبت.»
والدليل على اتصال هذا الحلف ما ذكر السهيلي من أن عبد الله بن جدعان هذا - وهو الذي عقد الحلف في بيته - كان من الصعاليك.
وكان معروفا بإطعام الطعام وتفريق الأكل على الناس، فعل خيار الصعاليك.
ثم إنهم في تحالفهم حلف الفضول ذكروا حين تحالفهم كما قال السهيلي التأسي في المعايش، أي المساواة في العيش، فمن كان عنده أطعم من ليس عنده، وهذا فعل كرام الصعاليك، وهو مبدأ اشتراكي سليم.
فأعتقد أنه لولا نظام الفتوة ونظام الصعاليك ما كان حلف الفضول، وهو مبدأ في غاية السمو، إذ يقضي بتحقيق العدالة، والأخذ من الظالم للمظلوم، مهما كان الظالم قويا عزيز الجانب، كما فعلوا مع العاصي ومع نبيه.
وهذا المعنى هو الذي أدركه أولو الأمر في الدولة العباسية، إذ رأوا أن القضاة قد يعز عليهم أن يأخذوا الحق من الظالم إذا كان ملكا أو قريبا له أو ذا جاه، فأنشئوا لذلك ديوانا يسمى ديوان المظاليم يرأسه الخليفة أو من ينوب منابه لأخذ الحق من ذي الجاه. •••
فلما جاء الإسلام وجدنا القرآن يستعمل «فتى» وصفا لإبراهيم عليه السلام فيقول:
قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم
صفحه نامشخص