فصل
جمعت يوما بين معتزلة الجن ومجبرة الجن للمناظرة , فقال معتزلي : يلزم على مذهب الجبر هدم الدين .فقيل ولم ؟ قال : خذوا إنهم يلزمهم نفي الصانع لأنهم إذا لم يثبتوا في الشاهد صانعا فاعلا لم يكن في الغائب ثابتا , ويلزمهم نفي النبوات لأنهم إذا أجازوا على الله كل قبيح لا يؤمن أن يظهر المعجز على كذاب وأن يبعث رسولا يدعو إلى الضلال , ويلزمهم أن لا يكون للبعثة معنى لأنه إذا أضل أحدا فلا معنى للبعث إليه وإذا هدى أحدا فلا معنى وإذا كان هو الخالق لهذه الأفعال فلا معنى للرسول والكتاب , ويلزمهم إبطال الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لاستحالة تغيير ما فعله هو فكأنه أمر بالجهاد لإعدام ما يوجده هو وإيجاد ما يعدمه هو, ويلزمهم أن لا يصح إثبات عالم لأن الفعل خلقه ولأنه يوجد بقدرة موجبة , ويلزمهم أن يصح فعل الأجسام من العبد لو وجد تلك القدرة , ويلزم بطلان الأمر والنهي والمدح والذم لأن الأفعال مخلوقة فيهم وهم مجبرون عليها , ويلزمهم تكليف ما لا يطاق وتكليف العاجز والزمن بالمشي والأعمى بالنظر . وأخذ يعدد ذلك والقوم سكوت وهو يوبخهم , حتى تفرقوا على أسوأ حال .
صفحه ۳۹