وجاء خراساني إلى أبي الهذيل وسأله عن العدل , فقال : يا خراساني من جاء بك من خراسان ؟ قال : الله . قال : فمن جاء باللص حتى قطع عليك الطريق ؟ قال : الله . قال : فمن جاء بالسلطان حتى قطع يده ؟ قال : الله . فإذا الله فعل جميع ذلك حيث جاء بك من خراسان وجاء باللص ليذهب بمالك وجاء بالسلطان ليقطع يده , أهذا فعل حكيم ؟ فانقطع وتاب .
ودعا مجبر فقال : يا رب ! أفسدتنا فأصلحنا . فقال عدلي : أسكت لا أم لك ! هو المصلح .
وقيل لهشام بن الحكم : أترى أن الله يكلف عباده ما لا يطيقون ثم يعذبهم عليه ؟ قال : والله قد فعل ذلك ولكن لا نجسر أن نتكلم.
وعن بعضهم قال : رأيت مجبرا في المنام فقلت له : ما فعل بك ربك ؟ قال : هو على قولكم وقدري !
واجتمع جماعة بطرسوس يرمون الهدهد ويشتمونه , فقال لهم قائل : ما ذنبه ؟ فقالوا : هو قدري حيث قال : { وزين لهم الشيطان أعمالهم } فأضاف العمل إليهم والتزيين إلى الشيطان , وجميع ذلك فعل الله تعالى . قال : تبا لكم ! أأنتم تنفون الذنب عن الشيطان وتضيفونه إلى الرحمن؟
وذكر أبو محمد المزني _ وكان ظريفا _ فقال : إذا أعطيت كتابي يوم القيامة قلت عرفت ما فيه ولكن أسأل عن شيء أتيته أنا باختياري أو خلق في ولم أقدر على تركه؟ فإن قالوا : فعلته باختيارك . قلت : يا رب عبدك الضعيف أخطأ وأساء وعلى عفوك وفضلك توكل , فإن عفوت فبرحمتك وإن عذبت فبعدلك . وإن قالوا : بل خلق فيك وقضي عليك وأنت تعذب عليه . قلت : يا معشر الخلائق ! العدل الذي كنا نسمع به في دار الدنيا ليس ههنا منه قليل ولا كثير .
وقال أبو الهذيل لحفص القرد هل في المعلوم شيء إلا الله وخلقه ؟ قال : لا . قال: يعذب على نفسه أو على خلقه ؟ فانقطع .
وقال معتزلي لمجبر : لم قلت بالإجبار ؟ قال : ألقينا ذنوبنا على ربنا واتكينا على جنب ! فقال : أيش ألزمكم بعد هذا ؟
صفحه ۲۹