فذلك دليل على طيب سريرته ، ومن اعرض عن القرآن والسنن وعادى ( 1 ) أهلها واتكل على التقليد ، وخالف الإجماع ، فهذا برهان على خبث سريرته وفساد بصيرته ، ونعوذ بالله من الخذلان .
6 - ثم قال : وما أرى هذه الأمور إلا ( 2 ) من تعويلك على كتب الأوائل والدهرية وأصحاب المنطق وكتاب إقليدس والمجسطي ، وغيرهم من الملحدين . قال علي : فنقول ، وبالله تعالى التوفيق : اخبرنا ( 3 ) عن هذه الكتب من المنطق واقليدس والمجسطي : أطالعتها أيها الهاذر أم لم تطالعها فإن كنت طالعتها ، فلم تنكر على من طالعها كما طالعتها أنت وهلا أنكرت ذلك على نفسك وأخبرنا ما الإلحاد الذي وجدت فيها ، إن كنت وقفت على مواضعه منها . وإن كنت لم تطالعها ، فكيف تنكر ما لا يعرف أما سمعت قول الله عز وجل { فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم } ( آل عمران : 66 ) وقوله تعالى { وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم } ( النور : 15 ) ولك قلة اشتغالك بالقرآن وعهوده تعالى فيه ، سهل عليك مثل هذا وشبهه . ولو كان لك عقل تخاف به الشهرة ( 4 ) ، لم تتكلم في كتب لم تدر ما فيها .
7 - ثم خرج إلى السفه الذي هو أهله فقال : ' واعلم أن صورتك عندنا انك جمعت ثلاثة أشياء : قلة الدين ، وضعف العقل ، وقلة التمييز والتحصيل ' . قال علي : فليعلم هذا الجاهل السخيف وأشباهه أن هذه الصورة عندهم ( 5 ) لا عندنا ، وان ذمهم زين لمن ذموه ، ومدحهم غضاضة على من مدحوه لأنهم لا ينطقون عن حقيقة ، وإنما هم كالأنعام بل هم أضل سبيلا . فليقل بعد ما شاء ، لكن نحن نوضح إن شاء الله تعالى [ أن ] هذه الصفات التي ذكر هي صفات كاتب الصحيفة الخاسئة ( 6 ) . أما قلة دينه : فاعتراضه بالجهل على القرآن ، وأما ضعف عقله : فكلامه فيما لا يحسن ، وأما قلة تمييزه وتحصيله : فتهديده من لا يحفل به .
صفحه ۱۲۲