بلغكم انه قال : استغنوا بالرأي عن القرآن ، ومعاذ الله أن يقول هذا أحد من المسلمين لا سالف ولا خالف ؛ وأما نحن فلا نفني ليلنا ونهارنا ، ولا نقطع أعمارنا ولله الحمد كثيرا ، إلا بتقييد أحكام القرآن ، وضبط آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعرفة أقوال الصحابة ، رضى الله عنهم ، والتباعين والفقهاء مكن بعدهم - رحمة الله على جميعهم - لا تقدر على إنكار ذلك ، وإن رغم انفك ، ونضجت كبدك غيظا . وطريقتنا هذه هي طريقة علماء الأمة دون خلاف من أحد منهم .
4 - ثم قال : ' أنائم أنت أيها الرجل بل مفتون جاهل [ أو متجاهل ] ' . قال علي : فما نحن ، ولله الحمد ، إلا أيقاظ إذا استيقظنا ، ونيام إذا نمنا . وأما الفتنة فقد أعاذنا الله منها ، وله الشكر واصبا ، لأننا لا نتعصب ( 1 ) لواحد من الفقهاء على آخر ، ولا نثبت إلى أحد دون رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، ولا نتخذ دون الله ولا رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، وليجة ، وكيف لا نقطع بذلك وقد وفقنا الله تعالى لملة الإسلام ، ثم لنحلة أهل السنة أصحاب الحديث ، ثم يسرنا لاتباع القرآن وسنن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وإجماع المسلمين ، إذ أحدثت وضرباءك سبيل الرأي والتقليد ، وأضربت عن القرآن والسنة . فأنت المفتون الجاهل حقا ، إذ تنكر على من اتبع القرآن والسنة وإجماع الأمة . وهذه هي الحقائق التي يقطع كل مسلم على أنها الحق عند الله عز وجل ، وأما وصفك لنا بالجهل ، فلعمري إننا لنجهل كثيرا مما علمه غيرنا ، وهكذا الناس ، وفوق كل ذي علم عليم . وأما قولك ' متجاهل ' فلعلها صفتك ، إذ قامت حجة الله عليك ، وأعرضت عنها لعمى قلبك ، فنعوذ بالله مما ابتلاك به ، ونسأله الثبات على ما أنعم به علينا من الحق .
5 - ثم قال : ' [ ومثلك ] قد انطوى على خبث سريرة وأبدى بلفظه ما يجنه ويستره ' ( 2 ) . قال علي : فنحن نقول : لعن الله الخبيث السريرة ، وإنما يعلم السرائر خالقها والمطلع عليها تعالى ثم الذي يسرها لكن ظاهره مبد عن باطنه . فمن أعلن باتباع كلام الله عز وجل ، والسنن المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإجماع المسلمين ،
صفحه ۱۲۱