عادة، وإنما الصادر منه (ص) البيان في مواقع الابتلاء، وفي مقامات الاحتياج للمحتاج عند سؤاله أو ابتلائه بحكم لا يعلمه، ولم ينقل عنه ولا عرف منه إنه عند بيان الحكم لسائل يحضر (ص) جميع الصحابة لسماع ذلك الحكم، أو جمعا منهم يفيد قولهم القطع إذا نقلوا الحكم وضبطوه، أو إن الصحابة تصدوا لهذا الأمر بحيث لم يصدر حكم من النبي (ص) إلا وضبطوه وحرروه على نسق اهتمامهم بضبط المنزل من القرآن وتدوينه، حنى إنه عين لكتابة الوحي أربعة عشر كاتبا، والقرآن كان ينزل منجما، وكان كلما هبط الأمين بشيء منه، كتبه أولئك ودونوه وضبطوه ونشروه بين الصحابة، ولا كذلك السنة قطعا، نعم نحن لا ننكر بأن جمعا من الصحابة تصدوا لحفظ الحديث واجتهدوا في ضبطه لكن كونهم اتفقوا على تلك المحفوظات واتفاقهم عليها صار سببا لبقائها بحيث صارت كالكتاب أمر غير معلوم، بل المعلوم عدمه وإن كان ذلك يدعى أو ذلك قد يقال به في بعض المتواترات من الأحاديث، فنحن ما ادعينا السلب الكلي، بل إنما أنكرنا الإيجاب الكلي الذي لا ينافيه الاعتراف ببعض الأفراد، وحينئذ فينحصر الحفظ في جملة السنة النبوية بما تواتر وحصل الاتفاق عليه من الصحابة، فلا يقال للصحابة إنهم حافظين إلا في هذا المقدار، ويختص الحفظ بمن أدرك شرف الحضور، وأقتبس من ذلك النور، وإما من شحطت دياره عن المدينة فلا يأتيها إلا إلماما، وكذلك التابعين وتابعيهم إلى زماننا هذا فلا يجري هذا المعنى في حقهم، نعم تلقوه منهم يدا بيد وأخذوه عنهم بلا اختلاف يلزم قبوله، ولكن ذلك أقل قليل لا يف بمثقال ذرة من الأحكام
صفحه ۱۶