رضي الله عنه في مصر عن هذه الجادة الحميدة، فإنه اقترح على السكان أن يبقى لهم كمال حريتهم الدينية، وإقامة العدل بالقسط والإنصاف من غير ما غرض ولا تشيع، وعدم انتهاك حرمة المنازل والأملاك، واستبدال الضرائب الفادحة غير العادلة التي فرضها ملوك الروم بجزية سنوية قدرها ديناران (15 فرنكا)
9
على كل واحد منهم.
وفي أيامنا هذه نرى الحكومات الإسلامية تعامل أسارى الحرب بمقتضى أصول قانون الملل، ولا تجري عليهم أحكام الشريعة الدينية.
فظهر مما تقدم بيانه أن الاسترقاق عند المسلمين ليس له إلا مصدر ومنشأ واحد، وهذا المصدر يحصره في حدود ضيقة مع أن مصادره ومنابعه عند الأمم الأخرى كانت كثيرة متنوعة.
ففي رومة مثلا كان الاسترقاق يصيب أسارى الحرب، وأولاد الأرقاء والأشخاص الذين قضت بعض أحكام القانون باستعبادهم، ومما ينبغي التنبيه عليه في هذا المقام أن النخاسين لم يصاحبوا قط الجيوش الإسلامية لسرقة أولاد المغلوبين واستعبادهم وتعريض نسائهم للعساكر لأجل قضاء الأوطار منهم، كما كان ذلك حاصلا في رومة.
فإن الديانة المحمدية لم تسمح قط بارتكاب أمر فظيع مثل هذا؛ ولذلك يحكم العقل بداهة بأن لا صحة لقول من يزعم بأن نصوص الدين الإسلامي الشريف تؤيد وتبرر ما هو حاصل على قولهم في أواسط أفريقيا، من اصطياد الرقيق ومعاملتهم بالبشاعة والشناعة والفظاعة، فإن هذا الدين قد جاء بالعرف والنهي عن المنكر كما لا ينكر.
الفرع الثاني: في معاملة الرقيق
إن ما امتازت به الهيئة الاجتماعية في بلاد المشرق هو أنها بقيت على حالها التي كانت عليها،
10
صفحه نامشخص