وهز شاندري رأسه وهو يشير بأصبعه إلى البوابة: الملوك في الهند كالكوارث وفيضانات الأنهار لا بد أن تبنى الكباري ليمروا من تحتها، وقلت: نعم، في عالم السياسة يمكن بناء كوبري يمر تحته نهر.
سرنا وسط الجموع حتى الشاطئ، وقف شاندري تحت البوابة وحملق في مياه المحيط: السياسة كالتاريخ كالدين علم يحتاج إلى خيال، وليس كل شيء في السياسة أو الدين ندركه بالحواس أو حتى بالعقل، وإلا ما أصبح «جانيش» إلها رغم أن له رأس فيل.
مجموعة من الرجال يرقصون ويقتربون من الشاطئ، يحملون بين ذراعهم تمثال الإله «جانيش»، له جسم طفل منتفخ البطن ورأس فيل، يلمسون الرأس والبطن ويتباركون، أيادي النساء تمتد من وراء الرجال تحاول الحصول على لمسة من الإله وبركة، الأجسام تتزاحم حول الإله الخشبي، وأيادي الرجال ترتفع عاليا بالإله ثم تهوي به إلى قلب المحيط، ودهشت: أغرقوا الإله جانيش؟!
وقال شاندري: لأنه ثمرة الخطيئة.
قلت: أي خطيئة؟
قال: خطيئة الإلهة «برافاتي» مع رجل آخر غير زوجها «شيفا»، وقطع «شيفا» رأس طفلها، لكنها أعادت الحياة إليه بعد أن ركبت له رأس فيل، وأصبح الإله «جانيش»، ونحن الهنود نعبده ونحبه ونحتفل به.
قلت: تعبدونه وتقتلونه غرقا؟
قال: إغراقه يعني إغراق الخطيئة؛ ولهذا نحتفل بهذا اليوم.
قلت: لكنه يموت غرقا.
قال: لا يموت أبدا؛ الآلهة لا يموتون، الخطيئة وحدها هي التي تموت. أما الإله «جانيش» فهو ينقذ نفسه.
صفحه نامشخص