قلت: معقول جدا، إذا لم يستطع الإله أن ينقذ نفسه من الموت أو الغرق فهل يمكن أن يكون إلها؟
وثبت عينيه السوداوين الواسعتين من تحت النظارة البيضاء على وجهي وقال بشيء من الاحتجاج: أتتهكمين على آلهتنا؟
قلت: أنا أحترم آلهة كل البشر على اختلاف أنواعهم، وعلى الأخص الإله «جانيش»؛ فهو طفل بريء ولا يستحق الموت غرقا. لماذا تحاسبون الطفل على فعل قام به أبوه أو أمه؟! لماذا لا تحتفلون مثلا بإغراق «شيفا» أو برافاتي؟! هذا هو العدل في رأيي.
وقال شاندري: هذا هو العدل الإنساني المنطقي، لكن في عالم الأديان والآلهة هناك عدل آخر غير منطقي. لا يمكن أن نحاسب الإله «شيفا» على أخطائه؛ لأنه يملك قوة الدمار والموت.
لا يمكن أن نحاسب الآلهة الذين يملكون هذه القوة؛ فالمنطق هنا منطق القوة وليس منطق العدل.
ورأيت امرأة ترقص على حافة الشاطئ وتلقي زهورا حمراء في مياه المحيط حيث ألقي الإله جانيش وتردد بصوت كالغناء: أيها الإله الطيب «جانيش»، يا نصير الضعفاء والأطفال المرضى والجياع، أتوسل إليك أن تتوسط لي عند الإله الجبار «شيفا» ليحمي طفلي من الموت. إنه مريض منذ ثلاثة شهور ولا ينهض من الفراش!
ترجم لي شاندري هذه الكلمات وقال: أترين؟ نحن نعبد «جانيش»؛ لأنه إله طيب. لكنه إله ضعيف لا يملك الضرر أو المرض أو الموت، وكل ما يملكه هو أن يتوسط بيننا وبين آلهة الموت والدمار أمثال شيفا وبراهما وفيشنو.
بدأت عدوى الرقص تنتقل إلينا، غمس شاندري إصبعه في المسحوق الأحمر المقدس وطبع على جبهتي دائرة حمراء. في حركة يده وفي تلامس الذرات المقدسة بجسدي تحولت إلى امرأة هندية تعبد الإله شيفا، أو ربما أصبحت الإلهة برافاتي نفسها زوجة شيفا التي خانته وأنجبت جانيش. وأحببت الإله «جانيش» كأنه ابني من صلبي، ولدته في مكان وزمان لا أدري عنهما شيئا.
حركت ذراعي في الهواء كالمروحة وأصبح لي أربعة أذرع، ثم تضاعف العدد بسرعة وأصبح ثمانية أذرع، بسرعة حركتي في الهواء يتضاعف عدد أذرعتي، توقفت لحظة عن الرقص وأنا ألهث.
وقال شاندري: أتؤمنين بتناسخ الأرواح؟
صفحه نامشخص