وأما مذهبه في العاديات وعيبها، لجهله بشاهدها وغائبها، فغير مستنكر منه، قاتله الله ولعنه، فقد تكون العاديات من العدوان والغي، وتكون العاديات من العدو والسعي، ثم لكل ما كان من ذلك وجوه شتى، يرى ما بينها من يعقل متفاوتا، والضبح أيضا فألوان مختلفة، وكل ما ذكر في السورة فله وجوه متصرفة، يعرفها من عرفه الله إياها، ويوجد علمها عند من جعله الله مجتباها، فليقصر من عمي عنها في عماه، فإن العمي لا يعلم الظاهر ولا يراه، كيف يعلم خفي ما بطن من الأسرار، التي جعلها الله أفضل مواهبه للأبرار، أو لا فليسأل عنها، وليطلب ما خفي فيه منها، عند ورثة الكتاب، الذين جعلهم الله معدن علم ما خفي فيه من الأسباب ، فإنه يقول سبحانه: { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير } [فاطر: 32]. ولتكن مسألته منهم للسابقين بالخيرات، فإن أولئك أمناء الله على سرائر الخفيات، من منزل وحي كتابه، وما فيه من خفي عجائبه، فقد سمعت قول الله: { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } [النحل: 43، الأنبياء:7]. فأما من لا فرق عنده بين عامي من عمي، ولا غي في العاديات من سعي، ولا الصور من صور، ولا العمر من عمر، ولا النور من نور، ولا الأمور من أمر، فحقيق أن يتعلم لسان القرآن، الذي صور والصور فيه مفترقان، والحمد لله رب العالمين، وصلواته على محمد وآله وسلم .
وأما قوله: ثم زعموا أن الله خلق الأشياء كلها بيده من شيء موجود - وزعم - أن اليد لا يتوهم قبضها وبسطها إلا بعد وجود.
صفحه ۱۷۷