وتذكر المصادر الإباضية أن أبا القاسم كان ذا مال كثير، أما أبو خزر فكان يكتسب من عمل يده، وكان أبو القاسم ينفق على الطلبة الوافدين من ماله الخاص، وأبوه إذ ذاك حي (¬1) ، حتى أن أحدهم اشتكى إلى والد أبي القاسم قائلا له : « إن ولدك لمجنون يعلم الطلبة وينفق عليهم !!» (¬2) .
وظل الشيخان يتنقلان في أحياء مزاته بمعية طلبتهم خاصة في فصل الربيع، فكانوا ينزلون ضيوفا في تلك الأحياء يعلمون الناس العلم، وينهونهم عن المنكر ويأمرونهم بالمعروف (¬3) وتلك عادة سار عليها مشائخ الإباضية.
عاش أبو خزر في الفترة المضطربة الهائجة من القرن الرابع الهجري، وفي عهد الدولة العبيدية زمن المعز لدين الله الفاطمي، الذي استغل نفوذه أيما استغلال، ولعل صاحبنا عاصر المعارك الدامية التي نشبت بقيادة أبي يزيد مخلد بن كيداد اليفرني ضد الفاطميين الذين استحوذوا على الحكم، وقضوا على الدولتين الأغلبية والرستمية، كما أنه استغل وجود الخلافات المذهبية والسياسية بإفريقية، فأطلق أيدي الجند والعامة ترتكب ما تشاء من المناكر للمخالفين لمذهب السلطان الفاطمي (¬4) ، ونال هذا البلاء جل الإباضية، وهبية ونكارية وصفرية، كما أصاب غيرهم من الفرق الإسلامية الأخرى، كما لم يسلم- أيضا- المذهب المالكي بالقيروان من شرور فقهاء العبيديين الذين تسببوا لهم في التعذيب والتنكيل.
¬__________
(¬1) 11) أبو زكرياء : السيرة، ص195. الدرجيني : الطبقات ج1، ص119- 120. الشماخي : السير311.
(¬2) 12) أبو زكرياء : السيرة، ص195. الدرجيني : الطبقات ج1، ص119- 120. الشماخي: السير311.
(¬3) 13) أبو زكرياء:السيرة، ص199. الدرجيني: الطبقات ج1، ص124. الشماخي : السير311.
(¬4) 14) علي يحي معمر : الإباضية في تونس (السابق) ص59.
صفحه ۹