نشأ أبو خزر بالحامة، وتلقى العلوم هناك على عدة من أجلة العلماء. فقد ذكر أبو زكرياء الوارجلاني أنه أخذ علم الأدب والفقه واللغة وعلم الفروع عن أبي الربيع سليمان بن زرقون النفوسي بمعية زميله وصاحبه الحميم أبي القاسم يزيد بن مخلد الوسياني (¬1) وأخذ علم الأصول عن سحنون بن أبي أيوب (¬2) . قال أبو زكرياء : وكانا في أول أمرهما يقرأن كتابا واحدا. فإذا قام أبو خزر إلى صلاح معيشته، قعد أبو القاسم واشتغل في قراءة كتابه ودراسته، فإذا رجع أبو خزر من طلب معاشه قال لأبي القاسم :« أعد علي من حيث تركتك » فيقول له أبو القاسم : « نعم لي مرتان ولك مرة »، فيعيد معه ما قد كان أخذه، فكان ذلك دأبهما إلى أن حصلا على علوم كثيرة (¬3) . ولما برعا في العلوم وأخذا ما فيه الكفاية من مشائخ العصر من الإباضية والمالكية تصدرا للتعليم وإفادة الطلبة (¬4) .
قضى أبو خزر جزءا هاما من حياته في التعليم بمعية زميله أبي القاسم يزيد بن مخلد، فكانا يدرسان حينا بالحامة وحينا آخر يخرجان إلى البادية لتعليم الناس أمور دينهم وتذكيرهم بأمور المذهب الإباضي، وخشية أن ينسى الناس مذهبهم، فكانا يتفقدان أحوالهم لئلا يغيروا فيضلون عن الطريق السوي. وكان يخرج معهما الطلبة حتى اشتهر ذكرهما وعلا أمرهما (¬5) ، رغم أنهما شابين (¬6) ، فكانا مقصد كل طالب علم في أي فن شاء من علوم القرآن والأصول والفقه وعلوم العربية والسيرة وعلم الكلام (¬7) .
¬__________
(¬1) نفس المصادر السابقة والصفحات.
(¬2) أبو زكرياء : السيرة، ص194. الدرجيني : 1/119. الشماخي : 310.
(¬3) ن.م) والصفحات.
(¬4) أبو زكرياء:السيرة، ص195. الدرجيني:الطبقات ج1، ص 120. الشماخي : السير 311.
(¬5) أبو زكرياء:السيرة، ص195. الدرجيني : الطبقات ج1، ص120. الشماخي:السير311.
(¬6) الدرجيني: طبقات، 1/120.
(¬7) 10) نفسه : 1/120.
صفحه ۸