بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
لقد استرعى انتباهي- وأنا أدرس بالحلقة الثالثة - موضوع العقائد الإباضية عند أحد المتكلمين الإباضيين وهو أبو عمار عبد الكافي الإباضي الذي قمت بتحقيق كتابه « شرح متن الرد على الجهالات ». دراسة وتحقيق، نلت به درجة دكتوراه المرحلة الثالثة، خلال سنة 1986م وبعد ذلك واصلت في نفس المذهب واتفقت مع أستاذي المشرف الدكتور علي الشابي على أن أقوم بدراسة حول أبي يزيد مخلد بن كيداد الإباضي (272ه/336ه)، ثورته وآراؤه، وكانت أطروحة نلت بها درجة دكتوراه الدولة في العلوم الإسلامية اختصاص أصول الدين، خلال سنة 1992م بالمعهد الأعلى لأصول الدين « جامعة الزيتونة»، ثم بعد ذلك واصلت أيضا في نفس الطريق وفي اختصاص أصول الدين (الأصول العشرة عند الإباضية) لتبغورين بن داوود الملشوطي (ق5ه)، ثم بعده قمت بتحقيق " رسالة في فرق النكار الست ومازاغت به عن الحق وبعض الفرق الأخرى، وهي لأبي عمرو عثمان بن خليفة السوفي المارغني الإباضي (ق6ه)- وهي بصدد الطبع - ومن خلال هذه الدراسات اتضح لي أن الإباضية لعبت دورا حاسما في تاريخ إفريقية منذ انتشار المذهب الإباضي بها إلى يومنا هذا.
صفحه ۱
وفي اعتقادي أن أبا خزر الحامي هو حلقة من حلقات سلفه أو معاصره أبو يزيد مخلد بن كيداد الإباضي الذي ثار على الدولة الفاطمية وألجأها إلى مغادرة البلاد وتركها لأهلها من سكان إفريقية عربا وبربرا. وجاء بعده بقليل أبو خزر ليواصل الصراع مع الفاطميين العبيديين، وهو ما سيجده القارئ الكريم فيما بعد.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الإباضية لم تدرس آراؤهم العقائدية وأصولهم دراسة أكاديمية مثل الدراسات التي قام بها الباحثون عن فرق المعتزلة وآرائها الكلامية والفلسفية، أو الدراسات الكثيرة عن فرق الشيعة أو عن الأشاعرة الذين أخذوا من الاعتزال بطرف ومن السلفية بطرف آخر. كما إنك تجد اهتمام الدارسين بتاريخ الحركات لفرق الإباضية التي كانت في أغلبها تصطبغ بالصبغة التاريخية أو الإخبارية البحتة.
والذي يمكن أن نشير إليه هو أن الكثير من المؤلفات العقائدية للأصول الإباضية قد فقد وخاصة في القرون الثلاثة الأولى للهجرة، ولذلك فإن الدارس يجد صعوبات كثيرة إذا أراد أن يوضح بعض المسائل الكلامية وأن يبرزها في نسق واضح وفي صورة متكاملة.
صفحه ۲
وبما أن الإباضية - كما قلنا - لعبت دورا هاما من الناحية العقائدية والسياسية والاجتماعية، وتركت دويا هائلا في الأوساط العربية والإسلامية على حد سواء لما اتسمت به من الواقعية ومن النزعة العلمية والعقلية المتحررة في فلسفتها وآرائها، رأينا أن ندرس رأي هذا المتكلم الإباضي الذي عاصر الدولة الفاطمية ببلاد المغرب والذي ساهم بفكره وبثورته في ارتحال الفواطم إلى مقر حكمهم بالقاهرة من جهة وإلى عدم وجود دراسة متكاملة للمذهب الإباضي في تلك الفترة من جهة ثانية، وصاحبنا هذا من أوائل المتكلمين إذ كان مرجعا لعلماء القرنين الخامس والسادس الهجري. ومن ثم رأينا أن نبحث في ثورة من ثورات الإباضية على الحكم الفاطمي، ودراسة عقائد الإباضية متمثلة في أحد أوائل المتكلمين بتونس من الإباضية، وهو كتاب « الرد على جميع المخالفين » لأبي خزر يغلا بن زلتاف الوسياني الحامي الإباضي الذي لم يحظ بدراسة أكاديمية، ولم يصدر- فيما نعلم - أي بحث متخصص في هذا الموضوع الذي أرى من واجبي كباحث عربي أن أميط اللثام عن أبي خزر الذي لم يتعرض له المؤرخون وكتاب الفرق من غير الإباضية - قديما وحديثا - إلا في بعض الإشارات الطفيفة جدا.وقد انبريت لهذا العمل يحدوني الأمل بأن أؤدي واجبا نحو جانب هام من تراث أمتنا المجيدة خاصة وأن ثورة أبي خزر اكتنفها الكثير من الغموض مثل ثورة أبي يزيد مخلد بن كيداد قبله. لذا وجب - كما قلنا - إزاحته وإخراج تلك الثورة وعقائد صاحبها وردوده على الفرق المخالفة في ثوب جديد، واضعا نصب عيني أن تاريخنا كله ملك لنا، وبالتالي يجب علينا العناية به واستنطاقه والاعتبار به. كما يجب أن لا نغض الطرف عن أي جزء أو فترة منه، فالجيد منه يجب أن يكون لنا مثلا طيبا وقدوة حسنة، وما هو سيئ يجب أن يكون لنا درسا مفيدا وعبرة واعظة.
صفحه ۳
وحسبي أن أشير إلى أنني حاولت - قدر المستطاع - طرق الموضوع بروح علمية مجردة، خالية من التعصب والهوى، فأثبت ما توصلت إليه نتيجة دراسة واستقصاء ومقارنة وتحليل لما وقع بين يدي مما يتصل بالبحث فأخذت من الكتب والمؤلفات على اختلافها وتنوعها، ولم أكن منحازا إلى هذا أو ذاك.
ومن المؤكد أن ثورة أبي خزر وما سبقه من الثورات المتتالية كانت بمثابة رد فعل للإباضية في مواجهة الشيعة الإسماعلية، فكانت حربا مذهبية شهر فيها سلاح المبادئ الإباضية للإطاحة بالعقائد الإسماعيلية الغريبة على البربر وعلى أهل السنة على حد سواء.
وكادت ثورة أبي خزر الحامي أن تجتث جذور الفاطميين، فإنها وإن لم تصل إلى الهدف فقد أفهمت أصحاب الضلال من الشيعيين أن لا مجال لهم في الديار الإفريقية من بلاد الإسلام، فرحلوا عنها ليقيموا دولتهم في مصر، ورحلت معهم عقائدهم وسيرتهم، ثم ما لبثت أن اندثرت أيضا في مصر وغيرها.
صفحه ۴
والجدير بالملاحظة هو أن سكان إفريقية عربا وبربرا بجميع مذاهبهم وقفوا موقف معارضة سلبية جد خطيرة على كيان الدولة الفاطمية فقاطعوا فقهاءها، وقضاتها، حتى أحس الحكام الفاطميون أنهم بين قوم لا يطيقون مذاهب الإسماعيلية ولا يقبلون عليهم، فحاولوا إرغامهم بعد القضاء على أبي يزيد ثم بعد ذلك بقليل وفي بدايات مناوشات أبي خزر، فلم يتحول الناس عما كانوا عليه، بل نافروا كل من "شرق" - أي أخذ بمبادئ الشيعة - من الفقهاء بل وازدادوا نفورا من الفقهاء الإسماعيليين واستهانوا بأمرهم، بل واستعدوا للانقلاب عليهم وعلى أصحابهم، وحينئذ تأكد لدى الشيعة - كما ذكرنا - الشعور بعدم الاستقرار والثبات في إفريقية كما شعروا أن دولتهم مقضي عليها إذا هي استمرت في إفريقية، فما كان عليهم إلا البحث عن بلاد أخرى، إذ لا سبيل إلى فرض دولة على أناس يقاطعونها مقاطعة تامة، ويعيشون بعيدا عنها فعمدوا إلى تغيير سياستهم الدينية إلى حين تحولوا إلى مصر.
ويعد أبو خزر الحامي من علماء القرن الرابع الهجري الذين بلغوا درجة الاجتهاد في المذهب الإباضي، إذ عده الإمام أبو يعقوب الوارجلاني- صاحب الدليل والبرهان- ضمن الأئمة العشرة الذين انفردوا بآراء في علم الكلام (¬1) .
¬__________
(¬1) وهم : جابر بن زيد. أبو معاوية عزان بن الصقر. لواب بن سلام. الربيع من حبيب. أفلح بن عبد الوهاب بن رستم. عمروس بن فتح. أبو القاسم يزيد بن مخلد. أبو خزر يغلا بن زلتاف. محمد بن محبوب. مصالة بن يحي. انظر، ج2/72-82 الطبعة الحجرية بمصر سنة 1306ه. وراجع ترجماتهم في طبقات الدرجيني وسير الشماخي.
صفحه ۵
عاش صاحبنا في عصر الفاطميين بالمغرب الذين استباحوا دماء المسلمين ظلما وبهتانا، فقد ارتكبت في عهدهم أفحش المناكر التي تحدث عنها كثيرا ابن عذاري وابن خلدون وغيرهما. وكان من ضحايا هذا الظلم الإمامان الإباضيان : أبو خزر يغلا بن زلتاف الوسياني الحامي العالم المجتهد وأبو القاسم يزيد بن مخلد اليهراسني.
فقد أعلن أبو خزر الثورة على الفاطميين بسبب قتلهم لزميله وشيخه أبي القاسم يزيد، من جهة ولعدم قبول أهل المغرب لحكم العبيديين الذين لا يتفقون معهم في المذهب من جهة ثانية.
بويع أبو خزر إمام دفاع، لكن ثورته أخفقت لعدة أسباب سنذكرها فيما بعد، فالتجأ إلى جبل نفوسة المنيع، ولما أيس المعز الفاطمي من القبض عليه، وقد خاف أن تتجدد له البيعة مرة أخرى فيثور على الحكم الفاطمي، عندئذ بذل له الأمان وللإباضية، فرجع. وبعد مدة انتقل المعز إلى مصر سنة 362ه فأخذه معه كعالم المغرب ظاهرا وكرهينة في الحقيقة ليأمن على خلفائه من نشوب ثورة بعد رحيله إلى القاهرة، إلا أن هذا كله لم يزد المالكية والإباضية إلا استماتة في الدفاع عن آرائهم ضد الفاطميين الذين أيقنوا بعد هذه الثورة أن أهل البلاد غير راغبين في حكمهم وعقيدتهم فارتحلوا إلى مصر وتركوا البلاد في أيدي أبنائها من الزيريين دون رجعة بعد ذلك.
ويعود الفضل في ذلك كله إلى التحام الإباضية والمالكية في القيروان وما والاها ووقوفهم صفا واحدا ضد أعدائهم العبيديين الفواطم.
وفي هذه الرسالة التي نقدمها للقراء الكرام دراسة عن إحدى الشخصيات التي عرفها وخلدها التاريخ، تلك هي شخصية الإمام الإباضي الكبير أبي خزر يغلا بن زلتاف الوسياني الحامي التونسي الذي كان مثالا في علمه وعمله وفي زهده وورعه وفي جهاده وتضحياته وفي دعوته ونشاطه، وهي أيضا تشمل دراسة قيمة عن المذهب الإباضي وعن أبرز متكلميه بشمال إفريقية.
صفحه ۶
فمن هو صاحب كتاب الرد على جميع المخالفين ؟ وفي أي زمن كان صاحبنا ؟ وما هي المراحل التي قام بها للثورة على الحكم الفاطمي؟ وهل هناك نتائج للثورة وللمذهب الإباضي في أيام أبي خزر؟
والرسالة تتضمن نسبة الكتاب لأبي خزر وتحليلا لمضمونها مع تبيان منهجه في طرقه للمواضيع التي اختارها، وطريقتنا في التحقيق والدراسة والمقارنة والتعليق.
ونيس عامر
تونس في 30 جوان 2001
التعريف بصاحب الكتاب
هو أبو خزر يغلا بن زلتاف الوسياني (¬1) ، وقيل أن زلتاف هو اسم أمه، أما أبوه فيدعى أيوب (¬2) وهو من أبناء الحامة من بلاد الجريد التونسي وهي حامة قسطيلية (¬3) .
¬__________
(¬1) انظر ترجمته في " الدرجيني : طبقات المشائخ بالمغرب، تحقيق إبراهيم طلاي، طبعة الجزائر (د.ت) ج1/119،156. أبو زكرياء الوارجلاني : السيرة وأخبار الأئمة، تحقيق عبد الرحمن أيوب، طبعة الدار التونسية للنشر 1985م، ص194 وما بعدها. الشماخي: كتاب السير، تحقيق ودراسة محمد حسن، طبعة كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية سنة 1995م، ص310 وما بعدها. والطبعة الحجرية، القاهرة، صفحات 346 وما بعدها.
(¬2) علي يحيى معمر : الإباضية في موكب التاريخ (حلقة 3 في تونس) طبعة 1، دار الثقافة بيروت، لبنان 1966م، ص59. الدرجيني (السابق) 1/08. الشماخي : (السابق) الطبعة الحجرية ص 582.
(¬3) أبو زكرياء: السيرة، ص194. الدرجيني:طبقات ج1، ص119. الشماخي:السير، ص310.
صفحه ۷
نشأ أبو خزر بالحامة، وتلقى العلوم هناك على عدة من أجلة العلماء. فقد ذكر أبو زكرياء الوارجلاني أنه أخذ علم الأدب والفقه واللغة وعلم الفروع عن أبي الربيع سليمان بن زرقون النفوسي بمعية زميله وصاحبه الحميم أبي القاسم يزيد بن مخلد الوسياني (¬1) وأخذ علم الأصول عن سحنون بن أبي أيوب (¬2) . قال أبو زكرياء : وكانا في أول أمرهما يقرأن كتابا واحدا. فإذا قام أبو خزر إلى صلاح معيشته، قعد أبو القاسم واشتغل في قراءة كتابه ودراسته، فإذا رجع أبو خزر من طلب معاشه قال لأبي القاسم :« أعد علي من حيث تركتك » فيقول له أبو القاسم : « نعم لي مرتان ولك مرة »، فيعيد معه ما قد كان أخذه، فكان ذلك دأبهما إلى أن حصلا على علوم كثيرة (¬3) . ولما برعا في العلوم وأخذا ما فيه الكفاية من مشائخ العصر من الإباضية والمالكية تصدرا للتعليم وإفادة الطلبة (¬4) .
قضى أبو خزر جزءا هاما من حياته في التعليم بمعية زميله أبي القاسم يزيد بن مخلد، فكانا يدرسان حينا بالحامة وحينا آخر يخرجان إلى البادية لتعليم الناس أمور دينهم وتذكيرهم بأمور المذهب الإباضي، وخشية أن ينسى الناس مذهبهم، فكانا يتفقدان أحوالهم لئلا يغيروا فيضلون عن الطريق السوي. وكان يخرج معهما الطلبة حتى اشتهر ذكرهما وعلا أمرهما (¬5) ، رغم أنهما شابين (¬6) ، فكانا مقصد كل طالب علم في أي فن شاء من علوم القرآن والأصول والفقه وعلوم العربية والسيرة وعلم الكلام (¬7) .
¬__________
(¬1) نفس المصادر السابقة والصفحات.
(¬2) أبو زكرياء : السيرة، ص194. الدرجيني : 1/119. الشماخي : 310.
(¬3) ن.م) والصفحات.
(¬4) أبو زكرياء:السيرة، ص195. الدرجيني:الطبقات ج1، ص 120. الشماخي : السير 311.
(¬5) أبو زكرياء:السيرة، ص195. الدرجيني : الطبقات ج1، ص120. الشماخي:السير311.
(¬6) الدرجيني: طبقات، 1/120.
(¬7) 10) نفسه : 1/120.
صفحه ۸
وتذكر المصادر الإباضية أن أبا القاسم كان ذا مال كثير، أما أبو خزر فكان يكتسب من عمل يده، وكان أبو القاسم ينفق على الطلبة الوافدين من ماله الخاص، وأبوه إذ ذاك حي (¬1) ، حتى أن أحدهم اشتكى إلى والد أبي القاسم قائلا له : « إن ولدك لمجنون يعلم الطلبة وينفق عليهم !!» (¬2) .
وظل الشيخان يتنقلان في أحياء مزاته بمعية طلبتهم خاصة في فصل الربيع، فكانوا ينزلون ضيوفا في تلك الأحياء يعلمون الناس العلم، وينهونهم عن المنكر ويأمرونهم بالمعروف (¬3) وتلك عادة سار عليها مشائخ الإباضية.
عاش أبو خزر في الفترة المضطربة الهائجة من القرن الرابع الهجري، وفي عهد الدولة العبيدية زمن المعز لدين الله الفاطمي، الذي استغل نفوذه أيما استغلال، ولعل صاحبنا عاصر المعارك الدامية التي نشبت بقيادة أبي يزيد مخلد بن كيداد اليفرني ضد الفاطميين الذين استحوذوا على الحكم، وقضوا على الدولتين الأغلبية والرستمية، كما أنه استغل وجود الخلافات المذهبية والسياسية بإفريقية، فأطلق أيدي الجند والعامة ترتكب ما تشاء من المناكر للمخالفين لمذهب السلطان الفاطمي (¬4) ، ونال هذا البلاء جل الإباضية، وهبية ونكارية وصفرية، كما أصاب غيرهم من الفرق الإسلامية الأخرى، كما لم يسلم- أيضا- المذهب المالكي بالقيروان من شرور فقهاء العبيديين الذين تسببوا لهم في التعذيب والتنكيل.
¬__________
(¬1) 11) أبو زكرياء : السيرة، ص195. الدرجيني : الطبقات ج1، ص119- 120. الشماخي : السير311.
(¬2) 12) أبو زكرياء : السيرة، ص195. الدرجيني : الطبقات ج1، ص119- 120. الشماخي: السير311.
(¬3) 13) أبو زكرياء:السيرة، ص199. الدرجيني: الطبقات ج1، ص124. الشماخي : السير311.
(¬4) 14) علي يحي معمر : الإباضية في تونس (السابق) ص59.
صفحه ۹
وتذكر المصادر الإباضية أن السلطان العبيدي ارتاب في شيخ الإباضية أبي القاسم يزيد بن مخلد، وشك في نواياه حتى توجس منه القيام ضده، والوثوب على السلطة بإفريقية، لما له من تقدم وعلم وجاه عند علماء الإباضية وغيرهم من العامة (¬1) .
¬__________
(¬1) 15) أبو زكرياء : السيرة، ص199 وما بعدها. الدرجيني : الطبقات ج1، ص120 وما بعدها. الشماخي : السير312.
صفحه ۱۰
والجدير بالملاحظة هو أن العبيديين كانوا قد واجهوا قبل ذلك بقليل ثورة جامحة ضدهم بقيادة أبي يزيد مخلد بن كيداد (صاحب الحمار)، الذي جمع حوله جميع فرق الإباضية ثم المالكية (¬1) وحاصرهم في أمكنة السلطة ثم في المهدية، إلا أنه لم يوفق في ثورته تلك لعدة أسباب (¬2) . فقد قال فيه أبو القاسم يزيد بن مخلد : « لقد فتح فيهم أبو يزيد فتحا لو أحسن السيرة » (¬3) . وعبارة أبي القاسم هذه إن دلت على شيء فإنما تدل على ميله وترحيبه بالسلطان العبيدي في تغيير سلطانهم والتخلص منهم، وفيه إشارة خفية إلى أن القضاء على العبيديين لا يمكن أن يتخذ الأسلوب الذي سار عليه أبو يزيد مخلد بن كيداد، بل يجب أن يركز أموره على أسس سليمة وسيرة مرضية سار عليها الإباضية الوهبية في معاملتهم للناس كبارا وصغارا.
¬__________
(¬1) 16) أبو زكرياء : السيرة، ص168 وما بعدها. الدرجيني : الطبقات ج1، ص96 وانظر، أطروحتنا(أبو يزيد مخلد بن كيداد): ثورته وآراؤه، طبع على الآلة الراقنة، 1992.
(¬2) 17) نفس المصادر وانظر أطروحتنا ( السابقة )، ص266 إلى 274.
(¬3) 18) أبو زكرياء : السيرة، ص173. الدرجيني : الطبقات ج1، ص101. والذي نشير إليه هنا أن عبارة أبي القاسم هنا تدل على الإعجاب وعلى العتاب وفيه التقدير والانتقاد، لكن أبا يزيد مخلد بن كيداد كان اعتذر لنفسه وتلا قوله تعالى: { وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا } (البقرة106) وتلك معرة جند مختلط ليست كتلك النماذج التي عرفتها الإباضية في ثوراتها من قبل، وإن هي أساءت فليس على تلك الصورة المهولة التي زينها الرواة وتفننوا في عرضها، وأبو القاسم ما قال هذا إلا لإبعاد التهم الموجهة إليه من طرف الأعداء وحتى لا يشك سلطان العبيديين في أمره.
صفحه ۱۱
ولقد أنصف قاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد أبا يزيد حيث أورد تاريخ ثورته، لم يذكر فيها شيئا مما نسب إليه من الفواحش زورا وبهتانا (¬1) ، لأنه لم يكن تحت حكم العبيديين، وإن كان في عصرهم.
ويمكن أن نقسم حياة أبي خزر الحامي إلى ثلاث مراحل أساسية :
- المرحلة الأولى : هي مرحلة التعلم والتعليم، وقد أوجزنا فيها الحديث بما توفر لنا من مراجع تاريخية في الموضوع.
- المرحلة الثانية : وهي مرحلة النشاط السياسي والعسكري الذي قام به ضد العبيديين.
- المرحلة الثالثة : وهي مرحلة الاستقرار في مصر إلى أن توفي بها سنة (380ه/990م).
* مرحلة النشاط السياسي :
ترتبط حياة أبي خزر الحامي التعليمية والسياسية بشخصيات ذات أهمية بالغة، ذلك أن جل المؤرخين من الإباضية يربطون حياة صاحبنا بأستاذه وزميله أبي القاسم يزيد بن مخلد، والشيخ أبي نوح سعيد بن زنغيل (¬2) وصراعهم مع أبي تميم المعز لدين الله الفاطمي الذي حكم إفريقية من سنة 342ه/953م إلى 363ه/973م.
فتذكر المصادر الإباضية أن العامة من سكان الجنوب التونسي كانوا متألمين جدا من معاملة أعوان العبيديين لهم، فكانوا يهيجون ويتهيأون للثورة، ولكن الإمامين أبا خزر وأبا القاسم يزيد يهدئانهم ويدعوانهم إلى السكينة والاعتصام بالصبر (¬3) .
¬__________
(¬1) 19) القاضي عبد الجبار : كتاب تثبيت دلائل النبوة، تحقيق عبد الكريم عثمان، طبعة بيروت، الجزء الأول ص106 و391، والجزء الثاني ص602.
(¬2) 20) هو من علماء النصف الثاني من القرن الرابع الهجري ( 350-400ه ) اشتهر بقدرته على المناظرة، وسنتحدث عنه لأنه كان من الملازمين لأبي خزر. وراجع عنه. أبو زكرياء : السيرة، ص196 إلى 211. الدرجيني : الطبقات ج1، ص1 /2 في عدة مواضع. الشماخي:السير314 إلى329. والطبعة الحجرية ص357 إلى362.
(¬3) 21) الدرجيني : طبقات ج1/124. علي يحي معمر : الإباضية بتونس، ص59.
صفحه ۱۲
كان أبو خزر وأبو القاسم من حامة قسطيلية وينتسبان إلى بني ويسين أو بني وسيان (¬1) التي هي من بني يفرن أو إخوة لهم، وبني يفرن ترجع إلى قبيلة زناتة البربرية، وكانت لأبي القاسم مكانة رفيعة لدى المعز لدين الله الفاطمي، لأن هذا الأخير كان يعلم جيدا أن قبائل مزاتة البربرية تميل كل الميل إلى أبي القاسم من جهة، وإلى أن قوتها تقدر وقتئذ باثني عشر ألف فارس (¬2) ، بالإضافة إلى الأعداد الهائلة من الرجالة التي تنتظر منه الإشارة في التحرك ضد أي عدو ولو كان سلطان العبيديين. فأبو تميم الفاطمي كان إذا يقدر قوة أبي القاسم ويحترز منه ومن أتباعه من الشيوخ.
ولما أحس أبو تميم - وهو سلطان العبيديين - بشيء من الخطر، وعلم بتحركات أبي القاسم الذي يفكر في القيام بثورة عليه والتفاف جل الإباضية حوله، لما له من مقومات الرئاسة، ولم لا، وقد وصفه أبو تميم مرة فقال : « أما يزيد بن مخلد فلم تلد العرب مثله » (¬3) . كما أن المؤامرات من رجالات اليهود وغيرهم لعبت دورا كبيرا في إيقاع الفتنة بين أبي القاسم يزيد وأبي تميم الفاطمي (¬4) اللذين كانت تربطهما علاقة متينة وصداقة كبيرة. ولكن وشايات أحد اليهود المقربين جعلت أبا تميم يكاتب واليه على الحامة ويأمره بأن يقتل أبا القاسم ويبعث إليه برأسه (¬5) .
¬__________
(¬1) 22) الدر جيني : طبقات ج1/103.
(¬2) 23) أبو زكرياء : السيرة، 203.
(¬3) 24) نفسه، ص198. الدرجيني : طبقات 1/123. الشماخي : السير، 312.
(¬4) 25) الدرجيني:طبقات1/125. أبو زكرياء: السيرة، ص204. الشماخي: السير، ص315.
(¬5) 26) أبو زكرياء : السيرة، ص198199. الدرجيني : طبقات 1/124-125. الشماخي : السيرة، ص313. علي يحي معمر : (السابق) ص59.
صفحه ۱۳
لكن الوالي تريث في قتل أبي القاسم لمكانته عنده ولصداقته له الحميمة، فأقبل عليه كالواعظ له، مشيرا عليه بالمسير إلى الحج - حتى لا يقع في قبضة أبي تميم - فقال له : « إني حججت... إلخ» (¬1) . واستبطأ أبو تميم واليه فكتب إليه كتابا ثانيا بمثل ما كتب في الأول، فلم تكن معه أيضا مبادرة إلى ما أمره به، بل أقبل على أبي القاسم وقال : « ألا تخرج إلى بعض البلاد التي فيها معظم أهل مذهبك مثل وارجلان وغيرها فتنتفع بهم وينتفعوا بك ؟ فقال : « أتراني أن أخرج من الدنيا وأنا حي ! » (يعني بالدنيا : قسطيلية). وفي كل ذلك لم ينتبه إلى مراد الوالي وما يدبره له أبو تميم. واستبطأ أبو تميم من الوالي امتثال ما أمره به فكتب إليه كتابا ثالثا يأمره فيه بقتل أبي القاسم، قائلا : « إما وجهت برأسه وإما وجهت من يأتي برأسك» (¬2) .
فلما وصل الكتاب الثالث واتضح منه عزمه على قتل أبي القاسم، وعلم إن لم يقتله كان هو المقتول، استدعى أبا القاسم وناوله الكتاب الأول والثاني والثالث، وقال له : « لأجل هذا كنت أشير عليك بما أشير، إنما كنت احتال على سلامتك مع سلامتي... والآن لا أؤثر عليك إلا نفسي ».
¬__________
(¬1) 27) أبو زكرياء : السيرة، ص199. الدرجيني : 1/125. الشماخي : السير، 313.
(¬2) 28) نفس المصادر والصفحات.
صفحه ۱۴
فلما رأى أبو القاسم الكتب الثلاثة وقرأها أيقن بالموت وقال للوالي: « أمهلني حتى أركع ركعتين، فتركه حتى ركع ركعتين، فما استتمهما إلا والدار مشحونة رجالا عليهم السلاح، فابتدروا أبا القاسم وواثبوه فلم يجد الوالي من نفسه قدرة على مشاهدة أبي القاسم في هذه الحالة وأدركته شفقته عليه لما بينهما من المودة الأكيدة فطلع إلى غرفة في الدار فدخلها وأغلق بابها عليه، ولم يرد أن يرى صديقه على تلك الحال، لما بينهما من الخلة، وكان بيد أبي القاسم سكين، فدافع على نفسه ففرقهم، وفرح الوالي وأشرف ثم اجتمعوا عليه ثانية، وأغلق عليه الباب، ثم دافعهم وفرقهم، ففتح العامل الباب واطلع عليهم، فما زالوا معه كذلك حتى قتلوه (¬1) ، ثم إنهم بعد ذلك توجهوا إلى الشيخ أبي محمد ويسلان صاحب أبي القاسم فسجنوه، فشكاه أهل السجن لكونه يسهرهم بالدراسة وقراءة القرآن، فأخرجوه من السجن (¬2) .
¬__________
(¬1) 29) الدرجيني: طبقات 1/125 - 126. أبو زكرياء : السيرة، ص199-200.
(¬2) 30) أبو زكرياء : السيرة، ص200. الدرجيني : طبقات 1/126. الشماخي : 314.
صفحه ۱۵
ومما يمكن أن نشير إليه هو أن القضاء على أبي القاسم يزيد بن مخلد - الشخصية الإباضية الأولى التي كانت تمثل الخطر الحقيقي على سلطان أبي تميم- لم يرهب هذا النوع من القتل قبائل زناته وبني يفرن ومزاته وغيرهم من الإباضية نكارا ووهبية - الخاضعين للحكم العبيدي والراضخين له- بل تسبب على العكس من ذلك في التفاف جموع الإباضية على كلمة واحدة، فقد نفد صبر أبي خزر ومن معه، وثارت حفيظة الوهبية وغيرهم، وأخذوا يستعدون للقيام بثورة على أبي تميم (¬1) ، غير أن كثيرا من العلماء كانوا غير موافقين على اتخاذ هذه الخطوة، ومن هؤلاء أبو محمد ويسلان (¬2) , وأبو صالح اليهراسني (¬3) ، وهؤلاء كانوا يرون أن الصبر على الظلم- ولو من العبيديين- أهون من الحرب وأقل شرا، لكن أبا خزر صمم وصمم معه المتحمسون من الشباب، وقد درس الموضوع واتخذ الخطوات التي رآها لازمة لبدء الثورة (¬4) .
¬__________
(¬1) 31) الدرجيني : طبقات 1/126-127. الشماخي : السير، ص314.
(¬2) 32) علي يحي معمر : الإباضية في تونس، ص59-60. وانظر ترجمته في طبقات الدرجيني 2/369 وما بعدها. الشماخي : السير، ص347-348.
(¬3) 33) انظر ترجمته في : الدر حيني : طبقات، 2/353. الشماخي : السير، ص335-336.
(¬4) 34) علي يحي معمر : ( السابق) ص59-60.
صفحه ۱۶
ولما علم أبو تميم بما يعدون له بعث إليهم يطلب منهم العدول عما يفكرون فيه من أمر الثورة، في مقابل السماح لهم بالرجوع إلى تيهرت وتأسيس دولتهم بها مثلما كانوا عليه سابقا (¬1) ، وحاول أبو خزر إقناع أصحابه بقبول هذا العرض، لكن العامة منهم أبوا إلا أن يثأروا لشيخهم المقتول ظلما وعدوانا، فما كان عليه حينئذ إلا أن أرسل رسلا إلى المناطق البعيدة يطلب منهم العون، فبعث تلميذه أبا نوح سعيد بن زنغيل إلى جبل نفوسة وجربة، فأجابوه إلى طلبه وبعث أبا محمد جمال بن المدوني إلى بلاد الزاب وآريغ ووارجلان فتحمس القوم وجمعوا عدتهم وعددهم وبدأوا في الاستعداد للثورة (¬2) ، كما كاتب بني أمية في الأندلس للتنسيق معهم وإرسال الإمدادات إليهم في إفريقية (¬3) واتفق الأعيان والعلماء على مبايعة أبي خزر إماما للدفاع وطلب الحق على أنهم إن ظفروا بما طلبوا عقدوا له الولاية على الظهور وهي البيعة التامة (¬4) . وأقدموا في الحال، ودون تريث أو ترقب الإمدادات التي طلبوها من وارجلان وغيرها. وحاصروا باغاية اغترارا بما تجمع لديهم من قبائل مزاته، وقتلوا والي باغاي (¬5)
¬__________
(¬1) 35) أبو زكرياء: السيرة، ص202. الدرجيني : طبقات 1/127-128. ابن الأثير : الكامل في التاريخ (المجلد 8) طبعة دار بيروت للطباعة والنشر سنة 1966، ص598.
(¬2) 36) علي يحي معمر : ( السابق)، ص60.
(¬3) 37) الدرجيني : طبقات 1/127. الشماخي : السير، 314، ط. حجرية 35. أبو زكرياء : السيرة (السابق)، ص202.
(¬4) 38) أبو زكرياء : السيرة، ص203. الدرجيني : طبقان، 128. الشماخي : السير، ص315 وط. حجرية 350.
(¬5) 39) هو طيان الصقلي، حسب الدرجيني : طبقات 1/129. وذكر ابن الأثير أن أبا خزر كان وقتئذ يقاتل نائب المعز على باغاي، انظر ج8 / 598..
صفحه ۱۷
الذي تألم لمقتله أبو تميم الفاطمي تألما شديدا، ولكي لا يتركوا مجالا للصلح مع أبي تميم، بدأوا في المناوشات الحربية، وهجم أهل وارجلان ومن معهم قبل أن تنتظم صفوفهم وتتوحد قيادتهم (¬1) .
ورأي أبو تميم أن هذه الفرصة الذهبية صالحة لإخماد هذه الثورة من الأساس، فقد استطاع أن يغري بعض القادة بالرشاوي ليوجه ضربة قاسية إلى مبدإ الثورة (¬2) . وقبل وصول عساكر أبي تميم إلى باغاي كانت قد حلت بجيش أبي خزر الهزيمة، بسبب انخذال بني يليان (¬3) الذين وصفهم الدرجيني بأنهم فخذ من مزاته من عسكر أبي خزر غلب فيهم حب الطمع على الأحساب والأديان، فعرف أهل الموضع أن الطمع قد استهواهم، وأن بمصانعتهم يدركون مناهم، فجاعلوهم في خفاء بمال جزيل على أن ينهزموا بغير قتال، ويكونوا سببا لوقوع الفشل في عسكر أبي خزر. ولم يكن أحد من أهل عسكر أبي خزر على علم بالجعائل التي أخذها بنو يليان على خذلانهم، ولا اتهموهم بالوقوع في مثل هذه الدنية. وقيل إنه كان بين بني يليان وبين فخذ آخر من مزاته يقال لهم " بدنة " حقود قديمة، فهزموا على أن يجعلوها ذريعة إلى ما أضمروا من الغدر. فلما كان صباح غد يومئذ، والتقى الجمعان والتحم القتال، ألقوا في مسامع أهل العسكر أن "بدنة" خافت على أموالهم وأهلهم، وأنهم لا يتركون الأهل والمال، بل يتوافون حمى ديارهم، فانهزموا كأنهم يريدون استنقاذ أموالهم وأهليهم من بدنة، وإنما ذلك لأمر برم بليل، فعند انهزامهم وقعت الهزيمة في العسكر، وكر أبو خزر وأبو نوح وعبود وأمثالهم، وكانوا في ساقة العسكر يحمون أواخره حتى قتل منهم خلق كثير.
¬__________
(¬1) 40) أبو زكرياء :السيرة، ص203. الدرجيني:طبقات 129. علي يحي معمر:(السابق) ص60.
(¬2) 41) أبو زكرياء : السيرة، ص204. الدرجيني : ص129. الشماخي: السير، ص315 وطبعة حجرية، ص350.
(¬3) 42) الدرجيني : طبقات 1/129-130.
صفحه ۱۸
وقتل عبود وأصحابه فيمن قتل، وتفرقت العساكر (¬1) دون أن يحقق أبو خزر شيئا مما اجتمعوا من أجله، ورجع أهل آريغ ووارجلان بعد أن بلغهم نبأ تلك الهزيمة، ولم يشاركوا في تلك الحرب التي نشبت بين الطرفين (¬2) . وطارد المعز أنصار الثورة في كل مكان، فتنكر أبو نوح في ثياب راع للإبل حتى وقعت عليه أعين الجند فحملوه إلى السلطان العبيدي (¬3) الذي سلك معه مسلك الملاينة والاستمالة، وقربه إليه ورفع مكانته، واستشاره في أمر أبي خزر خوفا من أن يعيد حملة حربية أخرى ضده، فأجابه أبو نوح بأنه إذا أعلن الإمام الأمان العام في بلادهم فإنه لن يخشى أمر أبي خزر (¬4) ورأى أبو تميم أن ما أشار به أبو نوح هو الصواب، فأرسل رسله بالأمان في جميع أنحاء بلاد الإباضية الوهبية (¬5) وغيرهم. وهرب أبو خزر ورفيقه أبو محمد يوجين (¬6) إلى جبل من الجبال يقال له " تلتماجرت "، وبقي هناك مدة أربعين يوما (¬7) حتى انقطع خبره (¬8) ،
¬__________
(¬1) 43) الدرجيني : طبقات 1/129-130.
(¬2) 44) أبو زكرياء : السيرة، ص206. الدرجيني: طبقات 1/130. الشماخي : السير، 315.
(¬3) 45) أبو زكرياء : السيرة، 206. الدرجيني: 1/131. الشماخي : السير، ص316. علي يحي معمر : (السابق) ص60.
(¬4) 46) أبو زكرياء : السيرة، ص210. الدرجيني 1/135. الشماخي : السير، ص318 وط. ج، 353. علي يحي معمر: (السابق) ص60.
(¬5) 47) أبو زكرياء : السيرة، 210. الدرجيني : طبقات 1/135. الشماخي : السير، 318 وط.ح، .353
(¬6) 48) وأبو محمد يوجين هذا هو من أصحاب أبي خزر، ذكره ابو زكرياء في السيرة : 206. الدرجيني : طبقات 1/131. الشماخي : السير، 316 وط.ج، 351.
(¬7) 49) أبو زكرياء : السيرة، 206. الدرجيني : طبقات 1/131. الشماخي : السير، 316 وط.ح، 351.
(¬8) 50) ابن الأثير : (السابق) ص599. الدرجيني : 1/131..
صفحه ۱۹
ثم انتقل إلى جبل نفوسة، وأقام هناك في حماية حاكم الجبل-آنذاك- أبي زكرياء ابن أبي عبد الله بن عمر بن أبي منصور إلياس (¬1) إلى أن أرسل إليه أبو تميم بالأمان، فقدم عليه وأكرم وفادته (¬2) بعد أن كان في عز وإكرام عند أبي زكرياء ابن أبي منصور إلياس (¬3) ، وكان قدومه على أبي تميم من جبل نفوسة في 21 ربيع الآخر سنة 359ه/969م (¬4) فرحب به وأكرمه وعظم شأنه وأنزله في مسكن حسن وحمله على فرس كريم، وأجرى عليه رزقا واسعا، ولاطفه ورفع منزلته، وأدنى مجلسه وسنى قدره وشاع في الفضائل ذكره، وأمر له بحلة جزيلة، وخلع عليه خلعة نفيسة جليلة. وكان مجلسه على سريره دون جميع الجلساء (¬5) .
والذي يمكن أن نشير إليه هو أن أبا خزر ما كان يفكر في الحرب أبدا، ولكنه اضطر إليها مكرها لأن أبا تميم المعز لدين الله الفاطمي قتل -شيخه وزميله- أبا القاسم يزيد بن مخلد الذي كان يقوم عند الإباضية مقام الإمام يتولى فصل المشاكل، وفض المنازعات، والإرشاد إلى أقوم الطرق، والإشراف على مصالح الناس الاجتماعية والصلاة بهم من جهة، ولأن العامة أجبرته على الأخذ بالثأر.
ومن ناحية أخرى فإن أبا تميم شعر بأنه أخطأ في قتله أبا القاسم، وأن ما حدث كان بسبب ذلك الخطأ ولذلك فإنه غير سياسة العنف إلى سياسة اللين، وأعلن الأمان والعفو عن أبي خزر وجميع أتباعه في كل المواطن.
¬__________
(¬1) 51) أبو زكرياء:السيرة، 213. الدرجيني: طبقات1/136-137. الشماخي: السير، 319 .
(¬2) 52) ابن الأثير : (السابق) ص599. أبو زكرياء : السيرة، 214. الدرجيني : طبقات1/137. علي يحي معمر (السابق) ص 62.
(¬3) 53) الدرجيني: طبقات 1/136-137.
(¬4) 54) الدرجيني : طبقات 1/137.
(¬5) 55) الدرجيني: طبقات1/137. الشماخي: السير،320. علي يحي معمر:(السابق) ص62.
صفحه ۲۰