والجدير بالملاحظة هو أن سكان إفريقية عربا وبربرا بجميع مذاهبهم وقفوا موقف معارضة سلبية جد خطيرة على كيان الدولة الفاطمية فقاطعوا فقهاءها، وقضاتها، حتى أحس الحكام الفاطميون أنهم بين قوم لا يطيقون مذاهب الإسماعيلية ولا يقبلون عليهم، فحاولوا إرغامهم بعد القضاء على أبي يزيد ثم بعد ذلك بقليل وفي بدايات مناوشات أبي خزر، فلم يتحول الناس عما كانوا عليه، بل نافروا كل من "شرق" - أي أخذ بمبادئ الشيعة - من الفقهاء بل وازدادوا نفورا من الفقهاء الإسماعيليين واستهانوا بأمرهم، بل واستعدوا للانقلاب عليهم وعلى أصحابهم، وحينئذ تأكد لدى الشيعة - كما ذكرنا - الشعور بعدم الاستقرار والثبات في إفريقية كما شعروا أن دولتهم مقضي عليها إذا هي استمرت في إفريقية، فما كان عليهم إلا البحث عن بلاد أخرى، إذ لا سبيل إلى فرض دولة على أناس يقاطعونها مقاطعة تامة، ويعيشون بعيدا عنها فعمدوا إلى تغيير سياستهم الدينية إلى حين تحولوا إلى مصر.
ويعد أبو خزر الحامي من علماء القرن الرابع الهجري الذين بلغوا درجة الاجتهاد في المذهب الإباضي، إذ عده الإمام أبو يعقوب الوارجلاني- صاحب الدليل والبرهان- ضمن الأئمة العشرة الذين انفردوا بآراء في علم الكلام (¬1) .
¬__________
(¬1) وهم : جابر بن زيد. أبو معاوية عزان بن الصقر. لواب بن سلام. الربيع من حبيب. أفلح بن عبد الوهاب بن رستم. عمروس بن فتح. أبو القاسم يزيد بن مخلد. أبو خزر يغلا بن زلتاف. محمد بن محبوب. مصالة بن يحي. انظر، ج2/72-82 الطبعة الحجرية بمصر سنة 1306ه. وراجع ترجماتهم في طبقات الدرجيني وسير الشماخي.
صفحه ۵