فإنْ قَصَدوا أنَّ ثوابَهَا يَصِلُ إليهم بإِيصاله إليهم، فهو وإنْ كان صحيحًا، لكنَّه خارج عن البحث، مع أنَّه ليس مختصًّا بالآباء والأولاد، بل يصل ثوابُ العبادة أيَّ عبادةٍ كانت إلى مَنْ أَوْصَلَ ثَوابَها إليه، وإنْ كان أجنبيًّا.
وإنْ أرادُوا به أنَّ هذه الصَّلاة تكون مُجْزيةً وكفارةً عن فَوَائت الآباء والأولاد، فهو مخالِفٌ لقوله تعالى: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ (١).
ولحديث: "إذا ماتَ ابنُ آدم انقطع عملُه إلَّا من ثلاث: صدقةٍ جارية، أو علمٍ يُنتفعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو لَه"، أخرجه ابن ماجَهْ ومسلم وغيرهما (٢).
ولقول الفقهاء: النيابةُ لا تجْري في العباداتِ البدنية، بل في المالية. وقد ذكر في "الدر المختار" و"البحر الرائق"، وغيرهما: لو قَضَاها وَرَثَتُهُ بأمرِهِ لم يجز (٣). انتهى.
وقد أخرج النَّسائيُّ في "السُّنن الكبرى" -بإسناد صحيح- عن ابن عباس قال: "لا يُصَلِّي أحدٌ عن أحدٍ، ولا يصوم أحدٌ عن أحدٍ" (٤).
وروى عبد الرزاق مثله من قول ابن عمر (٥)، ذكره ابن حجر في
_________
(١) سورة البقرة، الآية ٢٨٦.
(٢) رواه مسلم في الوصية برقم (١٦٣١)، وأبو داود في الوصايا (٢٨٧٢)، والترمذي في الأحكام برقم (١٣٨٦)، والنسائي في الوصايا (٣٦٥١)، وابن حبان (٣٠١٦). وأما عزو المؤلف الحديث لابن ماجه فهو وهم منه.
(٣) الدر المختار ٢: ٧٤، والبحر الرائق ٢: ٩٨.
(٤) رواه النسائي في الكبرى ٢: ١٧٥ (٢٩١٨)، وإسناده صحيح.
(٥) رواه عبد الرزاق في "المصنَّف" ٩: ٦١ (١٦٣٤٦)، وفي إسناده عبد الله بن عمر =
1 / 28