ولكن لم يكلف الشاب نفسه مئونة الرد عليه، وكأنه لم يسمع قوله، فلم يعد يباليه، ولم تكف المرأة عن دق الباب، وصاحت حانقة: إني أنذرك بأنك إذا لم تفتح الباب طوعا فتحته كرها بقوة الشرطة.
فاستجمع محجوب قواه المشتتة ودنا من السيدة، وقال لها بصوت ينم على الرجاء: سيدتي ...
ولكنها لم تتركه يتم كلامه، فتحولت إليه ولطمته على وجهه بشدة وغل، وصاحت به: لا تنبس بكلمة أيها القواد الخسيس ...
فتراجع محجوب مروعا إلى موقف أبيه وهو لا يدري به، وانفتح عند ذاك الباب، وبرز منه قاسم بك فهمي ثم أغلقه وراءه، وسمع صرير المفتاح من الداخل، وكان الرجل يحاول أن يتظاهر بالثبات، ولكن ارتباكه كان أعظم مما تنفع فيه المداراة، وقال لزوجه بسرعة: هلمي معي إلى الخارج من فضلك ...
فصاحت به وقد جنت غضبا: افتح هذا الباب، لا بد من فتحه.
فقال لها بصوت خفيض: خفضي من صوتك يا هانم ... هذا لا يليق بك ...
فصاحت به بتهكم: حدثني عما يليق وعما لا يليق يا معالي البك. هل من اللائق يا ترى أن أضبطك في مخدع زوج هذا القواد الصفيق؟! وهل يسرك أن يطلع ابنك وابنتك على سيرتك المحمودة؟! - كفى ... كفى، هلمي معي ولنسوين خلافنا في بيتنا.
وحاول أن يمسك بساعدها، ولكنها نترت ساعدها من يده باحتقار وصاحت به: سأغادر هذا البيت الملوث، ولكن لا تمن نفسك بتسوية الخلاف، لقد فاض الإناء، فلا تفاهم بعد اليوم، ولأنتقمن منك انتقاما يكون الدهر عظة لأمثالك من المستهترين.
ومضت المرأة نحو الباب الخارجي، والبك في أعقابها، وذهبا معا. •••
وتمتم محجوب بصوت مبحوح: انتهى كل شيء.
صفحه نامشخص